الرَّقوب شرعًا هو (الرَّجل الذي لم يقدم من ولده شيئًا) أي لا واحدًا ولا أكثر بالموت قبله ثم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فما تعدُّون) وتعتقدون وتعلمون (الصرعة) بضم الصاد وفتح الراء أي فأي شيء تعلمون وتعتقدون في معنى الصرعة (فيكم) أي عندكم أي فما معناه عندكم وأصله في كلام العرب هو الرجل القوي يصرع الناس كثيرًا (قال) ابن مسعود (قلنا) له صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله الصرعة عندنا هو الرجل (الذي لا يصرعه الرجال) أي الذي لا يقدر أحد من الرجال على صرعه وإسقاطه على الأرض عند المصارعة لقوته بل يصرع الناس (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس) الصرعة شرعًا (بذلك) الذي ذكرتموه يعني أنكم تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم وليس هو كذلك شرعًا (ولكنَّه) أي ولكن الصرعة الممدوح شرعًا هو الرجل (الذي يملك نفسه عند الغضب) لا يستفزّه الغضب بالانتقام ممن أغضبه فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلّق بخلقه ومشاركته في فضيلته بخلاف الأول اهـ نووي.
قال القرطبي "ما تعدُّون الرّقوب" إلخ الرقوب فعول وهو الكثير المراقبة وهو من صيغ المبالغة كضروب وقتول لكنَّه صار في عرف استعمالهم عبارة عن المرأة التي لا يعيش لها ولد كما قال عبيد بن الأبرص:
باتت على إرم عذوبا ... كأنها شيخة رقوب
قلت هذا نقل أهل اللغة ولم يذكروا أن الرقوب يقال على من لم يولد له مع أنه قد كان معروفًا عند الصحابة رضي الله عنهم ولذلك أجابوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس يقتضيه لأن الذي لا يولد له يكثر ارتقابه للولد وانتظاره ويطمع فيه إذا كان ممن يرتجى ذلك كما يقال على المرأة التي ترقب موت زوجها رقوب والناقة التي ترقب الحوض فتنفر منه ولا تقربه رقوبٌ "قلت" ويحتمل أن يحمل قولهم في الرقوب إنه الذي لا يولد له بعد فقد أولاده لوصوله من الكبر إلى حال لا يولد له فتجتمع عليه مصيبة الفقد ومصيبة اليأس وهذا هو الأليق بمساق الحديث ألا ترى قوله "ليس ذلك الرَّقوب ولكنَّه الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئًا" أي هو أحق باسم الرقوب من ذلك لأن هذا