وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد) الممدوح شرعًا الشديد (بالصرعة إنما الشديد) الممدوح شرعًا هو (الذي يملك نفسه عند الغضب) أي يكظم نفسه عن الانتقام ممن أغضبه قوله "إنما الشديد الذي يملك" إلخ فإنه قوة دينية معنوية إلاهية باقية فحوّل النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا الاسم من القوة الظاهرة إلى الباطنة ومن أمر الدنيا إلى أمر الدين اهـ مرقاة وفي النهاية الصُّرعة بضم الصاد وفتح الراء المبالغ في الصّراع الذي لا يُغلب فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى عدائه وشرَّ خصومه اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٣٦] والبخاري في الأدب باب الحذر من الغضب [٦١١٤].
"فائدة" عرَّف بعضهم الغضب بأنه صفة غريزيّة أودعها الله سبحانه في قلب ذي روح يغلي بها دم قلبه وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن فلذلك ينصب إلى الوجه ويحمرّ الوجه والعين وإنما خلق الله هذه الغريزة ليدافع بها الإنسان عن نفسه وماله وعرضه فكلما استعمل الإنسان هذه الغريزة في أفعال مشروعة كالجهاد والدفاع عن نفسه وأهله كان حسنًا وكلما استعمله في أفعال غير مشروعة وصدر منه في ثوران الغضب ما لا يجوز فعله كالقتل والقذف كان قبيحًا ومن ملك نفسه في حالة ثوران الغضب فأمسك نفسه عن العمل بمقتضاه فهو القويّ الذي مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فمجرّد الغضب الذي يثور في قلب الإنسان بدون اختياره لا مؤاخذة عليه ولكنه إنما يؤاخذ بما يصدر منه في هذه الحالة من أفعال غير مشروعة فيحتاج ذلك إلى رياضة ومجاهدة اهـ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٦٤٨٦ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا حاجب بن الوليد) بن ميمون الشامي الأعور نزيل بغداد صدوق من (١٠) روى عنه في (٤) أبواب (حدثنا محمد بن حرب) الخولاني