يقال على المجاور في الدار وعلى الدَّاخل في الجوار وكلّ واحد منهما له حق ولا بدّ من الوفاء به وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" رواه أحمد ومسلم وقوله "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره" متفق عليه ولما أكد جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم حق الجوار وكثر عليه من ذلك غلب على ظن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيحكم بالميراث بين الجارين وهذا يدل على أن هذا الجار هنا هو جار الدار لأن الجار بالعهد قد كان من أول الإسلام يرث ثم نسخ ذلك كما تقدم فإن كان هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر فقد كان التوارث مشروعًا فمشروعيته واقعة فتعين أن المراد بالجوار في هذا الحديث هو جوار الدار والله تعالى أعلم.
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:
٦٥٢٩ - (٢٦٠٢)(١٧٠)(حدثني عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجشمي مولاهم أبو شعيب (القواريريُّ) البصري ثقة من (١٠) روى عنه في (١٠) أبواب (حدثنا يزيد بن زريع) التيمي البصري ثقة من (٨)(عن عمر بن محمد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمريّ المدني ثقة من (٦) روى عنه في (١٠) أبواب (عن أبيه) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر (قال) أبوه محمد بن زيد (سمعت) جدّي عبد الله (بن عمر) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جبريلُ) - عليه السلام - (يوصيني بالجار) أي يأمرني بالإحسان إلى الجار وحسن المعاشرة معه (حتى ظننت أنه) أي أن جبريل (سيورِّثُهُ) أي سيأتيني من الله تعالى بحكم إرثه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب الوصاة بالجار [٦٠١٥].
قال النووي في هذه الأحاديث الوصية بالجار وبيان عظم حقه وفضيلة الإحسان إليه اهـ.