للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تحرزًا من القليل المختصر فإنه وإن كان مما يهدى فقد لا يقع ذلك الموقع فلو لم يتيسر إلا القليل المختصر فليهده ولا يحتقره كما جاء في الحديث الآخر "لا تحتقرنّ من المعروف شيئًا" ويكون المهدي له مأمورًا بقبول ذلك المحتقر والمكافأة عليه ولو بالشكر لأنه وإن كان قدره محتقرًا دليل على تعلق قلب المهدي بجاره اهـ من المفهم قال الأبي وإن لم يكن مع المرق لحم هو بحسب الحال من كثرة اللحم وقلّته.

"تتمة" قال ابن أبي جمرة حفظ الجار من كمال الإيمان وكان أهل الجاهلية يحافظون عليه ويحصل امتثال الوصية به بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة كالهدية والسّلام وطلاقة الوجه عند لقائه وتفقد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه وكف أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسية كانت أو معنوية وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يأمن جاره بوائقه وهي مبالغة تنبيء عن تعظيم حق الجار وإن إضراره من الكبائر ويفترق الحال في ذلك بالنسبة للجار الصالح وغير الصالح والذي يشمل الجميع إرادة الخير له وهو عظة بالحسن والدعاء له بالهداية وترك الإضرار له إلا في الموضع الذي يجب الإضرار له فيه بالقول والفعل والذي يخص الصالح هو جميع ما تقدم وغير الصالح كفه عن الذي يرتكبه بالحسن على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعظ الكافر بعرض الإسلام عليه وذكر محاسنه له والترغيب فيه برفق ويعظ الفاسق بما يناسبه بالرفق أيضًا ويستر عليه زلَلُهْ عن غيره وينهاه برفق فإن أفاد فيه ذلك وإلا فيهجره قاصدًا تأديبه مع إعلامه ليكف وأما حد الجوار فجاء عن عليٍّ رضي الله عنه قال من سمع النداء فهو جار والمراد به النداء بصوت معتدلًا لا بالآلة المعروفة الآن وقيل من صلّى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار وعن عائشة رضي الله عنها حدّ الجوار أربعون دارًا من كل جانب وعن الأوزاعي مثله وأخرج البخاري في الأدب المفرد مثله عن الحسن وللطبراني بسند ضعيف عن كعب بن مالك مرفوعًا "ألا إنّ أربعين دارًا جارٌ" وأخرج ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أربعون دارًا عن يمينه وعن يساره ومن خلفه ومن بين يديه وهذا يحتمل كالأولى ويحتمل أن يريد التوزيع فيكون من كل جانب عشرة اهـ فتح الباري [١٠/ ٤٤٧].

ثم استدل المؤلف على الجزء الثامن من الترجمة وهو استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء بحديث آخر لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>