للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على لسان رسوله ما شاء لأن الله لا يؤمر أي يظهر الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه بوحي أو إلهام ما قدر في الأزل أنه سيكون من إعطاء أو حرمان كذا في المناوي.

"قوله أقبل على جلسائه فقال اشفعوا تؤجروا" قال القرطبي وقد وقع هذا اللفظ تؤجروا بغير فاء ولام وهو مجزوم على جواب الأمر المضمَّن معنى الشرط ومعناه واضح لا إشكال فيه وقد رُوي "فلتؤجروا" بفاء ولام وهكذا وجدته في أصل شيخنا أبي الصبر أيوب وينبغي أن تكون هذه اللام مكسورة لأنها لام كي وتكون الفاء زائدة كما زيدت في قوله صلى الله عليه وسلم "قوموا فلأصلي لكم" متفق عليه في بعض رواياته وقد تقدم قول من قال إن الفاء قد تأتي زائدة ويكون معنى الحديث اشفعوا لكي تؤجروا ويحتمل أن يقال إنها لام الأمر ويكون المأمور به التعرض للأمر بالاستشفاع فكأنه قال استشفعوا وتعرضوا بذلك للأجر وعلى هذا فيجوز كسر هذه اللام على أصل لام الأمر ويجوز تخفيفها بالسكون لأجل حركة الحرف الذي قبلها اهـ من المفهم.

وقوله "وليقض الله على لسان نبيه ما أحبَّ" هكذا صحّت الرواية هنا "وليقض" بالام وجزم الفعل بها ولا يصح أن تكون لام كي كذلك ولا يصح أيضًا أن تكون لام الأمر لأن الله تعالى لا يؤمر ولأن هذه الصيغة وقعت موقع الخبر كما قد جاء في بعض نسخ مسلم ويقضي الله على الخبر بالفعل المضارع ومعناه واضح وهذه الشفاعة المذكورة في الحديث هي في الحوائج والرّغبات للسلطان وذوي الأمر والجاه كما شهد به صدر الحديث ومساقه ولا يخفى ما فيها من الأجر والثواب لأنها من باب صنائع المعروف وكشف الكرب ومعونة الضعيف إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى السلطان وذوي الأمر ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول مع تواضعه وقربه من الصغير والضعيف إذ كان لا يحتجب ولا يُحجب "أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها" رواه الطبراني والبيهقي كما في كشف الخفاء [١/ ٤٣] وفيض القدير [١/ ٨٣] وهذا هو معنى قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥] قال القاضي ويدخل في عموم الحديث الشفاعة للمذنبين فيما لا حد فيه عند السلطان وغيره وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كله كما له العفو عن ذلك ابتداء وهذا فيمن كانت منه الزلة والفلتة وفي أهل الستر والعفاف وأما المصرّون على فسادهم المستهترون في

<<  <  ج: ص:  >  >>