مُوسَى، عَنِ النبي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ قَال:"إِنما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ،
ــ
موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) وهذا السند أيضًا من خماسياته (إنما مثل) أي إنما صفة (الجليس الصَّالح) صفة للجليس وهو المراعي لحقوق الله وحقوق العباد (و) مثل (الجليس السوء) أي ومثل الجليس السيئ والسوء في أصله مصدر وهو صفة للجليس على تأويله بالمشتق أي ومثل الجليس السيئ والسيئ ضد الصالح كذا وقع في بعض النسخ وهو الأفصح والأحسن وفي بعضها "مثل جليس الصالح وجليس السوء" فيكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته فيكون بمعنى ما في النسخة الأولى والجليس هو من اخترته للمجالسة معه أي مثل الصالح الذي تجالسه ومثل السيئ الذي تجالسه
وقوله (كحامل المسك) عائد للجليس الصالح (ونافخ الكبير) عائد لجليس السّوء على طريق اللف والنشر المرتب وهو من المحسنات اللفظية عند البديعيين قال القرطبي هذا نحو ما يسميه أهل الأدب لف الخبرين وهو نحو قول امرئ القيس:
فكأنه قال قلوب الطير رطبًا العناب ويابسًا الحشف ومقصود هذا التمثيل في الحديث الحض على صحبة العلماء والفضلاء وأهل الدين وهو الذي يزيدك نطقه علمًا وفعله أدبًا ونظره خشيةً والزجر عن مخالطة من هو على نقيض ذلك وحامل المسك هو الذي يستصحب المسك لبيعه أو للتطيب به مثلًا وقد تطابقت الأخبار واستفاضت على أن المسك يجتمع في غدة حيوان هو الغزال أو يشبهه فيتعفن في تلك الغدة حتى تيبس وتسقط فتؤخذ تلك الغدة كالجليدات المحشوة وتلك الجلدة هي المسماة بفأرة المسك والجمهور من علماء الخلف والسلف على طهارة المسك وفأرته وعلى ذلك يدل استعمال النبي صلى الله عليه وسلم له وثناؤه عليه وإجازة بيعه كما دل عليه هذا الحديث ومن المعلوم بالعادة المستمرة بين العرب والعجم استعماله واستطابة ريحه واستحسانه في الجاهلية والإِسلام لا يتقذره أحد من العقلاء ولا ينهى عن استعماله أحد من العلماء حتى قال القاضي أبو الفضل نقل بعض أئمتنا الإجماع على طهارته غير أنه قد ذكر عن العمرين كراهيته ولا يصح ذلك فإن عمر رضي الله عنه قد قسم منه ما غنم بالمدينة وقال المازري وقال قوم بنجاسته ولم يعينهم والصحيح القول بطهارته وإن لم يكن مجمعًا عليه