للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إما أن يُحذِيَكَ، وَإمَّا أَن تَبتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أن تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طَيبَة. وَنَافِخُ الكِيرِ، إما أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَة"

ــ

للأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك إذ قد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يستعمله حتى إنه كان يخرج "ووبيص المسك في مفرقه" كما قالت عائشة رضي الله عنها متفق عليه وقد تقدم قوله "أطيب الطيب المسك" رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وغير ذلك.

(إما أن يحذيك) أي يعطيك منه بغير عوض هدية هو بضم الياء رباعيًّا من أحذيته إحذاء إذا أعطيته وفي الصحاح أحذيته نعلًا إذا أعطيته نعلًا تقول منه استحذيته فأحذاني وأحذيته من الغنيمة إذا أعطيته منها والاسم الحذيا (وإما أن تبتاع) وتشتري المسك (منه) أي من صاحبه (وإما أن تجد منه ريحًا طيبة) فتستفيد منه من كل جهة (ونانخ الكبير) في مشغل الحداد (إما أن يحرق) عليك (ثيابك) بشرارته (وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) أي منتنة "والكير" بكسر الكاف وسكون الياء منفخ الحدَّاد و"الكور" المبني الذي ينفخ فيه على النار والحديد ويجوز أن يعبر بالكير عن الكور والكير حقيقته البناء الذي يركب عليه الحداد الزق والزق هو الذي ينفخ فيه فأطلق على الزق اسم الكبير مجازًا لمجاورته له وقيل الكير هو الزق نفسه وأما البناء فاسمه الكور وحاصل معنى الحديث أن حامل المسك ممن ينفعك لا محالة إما بإهداء المسك إليك أو بيعه منك ولا يخلو على الأقل من أن ينفعه برائحته الطيبة وكذلك الجليس إما أن تحصل منه على علم ينفعك أو أنه ينفعك بصحبته ونافخ الكير على العكس من ذلك فإنه لا يخلو من إيذاء ولو برائحته الكريهة فكذلك الجليس السوء قال النووي ففي الحديث فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من الأنواع المذمومة اهـ والإشارة إلى جواز بيع المسك وطهارته وفيه الرَّد على من كرهه وهو منقول عن الحسن البصري وعطاء وغيرهما ثم انقرض هذا الخلاف واستقر الإجماع على طهارة المسك وجواز بيعه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٤٥٨] والبخاري في مواضع منها في الذبائح باب في المسك [٥٥٣٤] وأبو داود في الأدب باب من يؤمر أن يجالس [٤٨٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>