للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِيَّاهَا. فَأَخَذَتْهَا فَقَسَمَتْهَا بَينَ ابْنَتَيهَا، وَلَمْ تَأكُلْ مِنْهَا شَيئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا، فَدَخَلَ عَلَى النبِي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا. فَقَال النبي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ: "مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيهِن، كُن لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ"

ــ

(إياها) أي تلك التمرة (فأخذتها) مني أي فأخذت المرأة مني تلك التمرة (فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل) المرأة (منها شيئًا) لا قليلًا ولا كثيرًا بل آثرت بها ابنتيها لشدة شفقتها عليهما (ثم قامت) من عندي (فخرجت) هي (وابنتاها) قالت عائشة (فدخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم) في بيتي (فحدثته) صلى الله عليه وسلم (حديثها) أي قصتها (فقال النبي صلى الله عليه وسلم من ابتلي) واختبر (من) هؤلاء (البنات بشيء) أي اختبر بشيء منهن قليلًا كان أو كثيرًا قال النووي إنما سماه ابتلاءً لأن الناس يكرهونهن في العادة قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨)} [النحل: ٥٨] (فأحسن إليهن) بالقيام بأمورهن من الإنفاق والتأديب والتعليم (كنَّ) تلك البنات (له) أي لمن ابتلي بهن (شرًّا) أي حجابًا (من النار) يوم القيامة قال النووي معناه أي يكون جزاؤه على ذلك وقاية بينه وبين نار جهنم حائل أبي نه وبينها وهذا الابتلاء المذكور في الآية هو ما حكاه الله تعالى في شأن الكفار وأما المسلم فليس من شأنه أن يكره البنات فالظاهر من لفظ الابتلاء في حق المسلم الإشارة إلى ما في تربيتهم من المشقة أكثر مما في تربية الأولاد فإن الخوف عليهن أشد ومساعداتهن للوالد في اكتساب المعيشة أقل وذكر الحافظ هنا عن شيخه أن الابتلاء هنا بمعنى الاختبار فلا إشكال وقال بعض العلماء إن هذه الفضيلة مختصة بمن عال بنتين أو ثلاثة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكرهن بصيغة الجمع ولكن الظاهر أن الحكم يشمل من عال بنتًا واحدةً أما أولًا فلأن لفظ بشيء بعد قوله "من ابتلي من البنات" يدل على أن الفضيلة عامة لكل من عال بنتًا ولو واحدة وأما ثانيًا فإنه وقع في حديث لأبي هريرة عند الطبراني في الأوسط قلنا وثنتين قال وثنتين قلنا وواحدة قال وواحدة ويشهد له ما أخرجه الطبراني بسند واه عن ابن مسعود مرفوعًا من كانت له ابنة فأدبها وأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها وأوسع عليها من نعمة الله التي أوسع عليه إلخ ذكره الحافظ في الفتح.

قوله "فأحسن إليهن" قال الحافظ وقد اختلف في المراد بالإحسان هل يقتصر به

<<  <  ج: ص:  >  >>