للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَعْطَت كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَت إلى فِيهَا تَمْرَةَ لِتَأكُلَهَا، فَاسْتَطعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التمْرَةَ التِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا، بَينَهُمَا. فَأَعْجَبَنِي شَأنُهَا. فَذَكَرْتُ الذِي صَنَعَت لِرَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَال: "إِن اللهَ قَدْ أَوَجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ. أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ"

ــ

ويمكن الجمع بينهما بأنها لم تجد عندها ما يخصها دون البنتين إلا تمرة واحدة ويحتمل أنها لم يكن عندها في أول الأمر إلا واحدة فأعطتها ثم وجدت ثنتين ذكر الحافظ الاحتمالين ثم ذكر احتمال تعدد القصة وهو بعيد جدًّا ويمكن أن يكون الاختلاف نشأ من تصرف الرواة عند روايتهم بالمعنى وكانت عائشة رضي الله عنها أعطتها ثلاث تمرات كما في رواية عراك ولكن إيثارها للبنتين إنما وقع في تمرة واحدة كانت لها فذكره الرواة الآخرون ولم يذكروا التمرتين وقد من مرارًا أن الرواة إنما يهتمون بحفظ أصول القصة دون تفاصيلها الجزئية والله أعلم.

(فأعطت) المرأة (كل واحدة منهما تمرة) تمرة (ورفعت) المرأة (إلى فيها) أي إلى فمها (تمرة) واحدة (لتأكلها فاستطعمتها) أي فطلبت (ابنتاها) منها إطعام تلك الحبة إيّاهما (فشقت) تلك المرأة ونصفت (التمرة) الواحدة (التي كانت تريد أن تأكلها) بنفسها أي جزأت تلك التمرة وقسمت (بينهما) نصفين قالت عائشة (فأعجبني شأنها) وشفقتها علي بنتيها (فذكرت) التقسيم (الذي صنعتـ) ـه تلك المرأة (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الله) سبحانه (قد أوجب) وأثبت على نفسه (لها) أي لتلك المرأة (بها) أي بتلك الصنعة التي صنعت ببنتها (الجنة أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي بدل قوله قد أوجب لها لفظة قد (أعتقها) أي أعتق الله تلك المرأة (بها) أي بسبب صنعتها وشفقتها والشك من الراوي أو ممن دونه.

قال القرطبي: "قوله من ابتلي بشيء من البنات فأحسن إليهن كن له سترًا من النار" ابتلي امتحن واختبر وأحسن إليهن صانهن وقام بما يصلحهن ونظر في أصلح الأحوال لهن فمن فعل ذلك وقصد به وجه الله تعالى عافاه الله تعالى من النار وباعده منها وهو المعبّر عنه بالستر من النار ولا شك في أن من لم يدخل النار دخل الجنة وقد دلّ على ذلك قوله في الرواية الأخرى في المرأة التي قسمت التمرة بين بنتيها إن الله قد أوجب لها الجنة وأعاذها من النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>