طويل أو قصير (و) بكتابة (عمله) طاعة أو معصية (وشقي) باعتبار ما يختم له (أو سعيد) كذلك وكل من اللفظين بالرفع على أنه خبر لمحذوف ويجوز الجر بالعطف على المجرور قبله (فوالذي لا إله غيره أن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) من الطاعات (حتى ما يكون بينه وبينها) أي بين الجنة (إلا ذراع) والمراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه وإن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع والمراد من هذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنه غالبٌ فيهم ثم إنه من لطف الله تعالى وسعت رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ونهاية القلة اهـ نووي.
وقوله "بعمل أهل الجنة" فالباء في بعمل زائدة للتأكيد أي يعمل عمل أهل الجنة أو ضمن يعمل معنى يتلبس أي يتلبس بعمل أهل الجنة اهـ قسط (فيسبق عليه) ما تصقنه (الكتاب) بفاء التعقيب المقتضية لعدم المهملة وضمن يسبق معنى يغلب أو عليه في موضع نصب على الحال أي يسبق المكتوب واقعًا عليه أي يسبق عليه مكتوب الله وهو القضاء الأزلي (فيعمل بعمل أهل النار) من المعاصي (فيدخلها)(وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار) من المعاصي (حتى ما يكون بينه وبينها) أي بين النار (إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب) أي مكتوب الله الأزلي (فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) أي فيدخل الجنة والتعبير بالذراع تمثيل بقرب حاله من الموت فيحال بينه وبين المقصود بمقدار ذراع من المسافة وضابط ذلك الحسي الغرغرة التي جعلت علامة لعدم قبول التوبة. وقد ذكر في هذا الحديث أهل الخير صرفًا إلى الموت لا الذين خلطوا وماتوا على الإِسلام فلم يقصد تعميم أحوال المكلفين بل أورده لبيان أن الاعتبار بالخاتمة ختم الله أعمالنا بالصالحات بمنه وكرمه آمين اهـ قسطلاني.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٣٨٢] والبخاري في مواضع كثيرة منها في التوحيد باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}[٧٤٥٤] وأبو داود في السنة