فَقَال مُوسَى: يَا آدم، أَنتَ أَبُونَا، خَيَّبتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَال لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى. اصطَفَاكَ الله بِكَلامِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أتلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ الله عَلَيَّ قَبْلَ أن يَخلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة؟ " فَقَال النبِي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَج آدَمُ مُوسَى"
ــ
صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء صلواته وسلامه عليهم أجمعين في السماوات وفي بيت المقدس وصلى بهم قال فلا يبعد أن الله تعالى أحياهم كما جاء في الشهداء قال ويحتمل أن ذلك جرى في حياة موسى سأل الله تعالى أن يريه آدم فحاجه اهـ من المرشد على ابن ماجه (فقال موسى) لآدم وجملة القول مفسرة لما قبلها (يا آدم أنت أبونا) الذي (خيبتنا) أي أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران يقال خاب يخيب ويخوب أي جعلتنا خائبين محرومين من نعيم الجنة وقوله (وأخرجتنا من الجنة) بخطيئتك معطوف على خيبتنا عطف سبب على مسبب وفي ابن ماجه زيادة "بذنبك" أي بأكلك من الشجرة فلو لم تأكل من الشجرة لم نقع في الخيبة وفي رواية "أنت آدم أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة" وفي رواية "أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض" ومعناه كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطيئة التي ترتب عليها إخراجك من الجنة ثم تعرضنا نحن لإغواء الشياطين والغي الانهماك في الشرّ وفيه جواز إطلاق الشيء على سببه اهـ من المرشد (فقال له) أي لموسى (آدم) يا موسى كما في رواية ابن ماجه (أنت موسى) الذي (اصطفاك الله) سبحانه وخصك (بـ) سماع (كلامه) المقدس في الدنيا (وخط لك) أي كتب لك التوراة كما في ابن ماجه (بيده) المقدسة (أتلومني) وتعاتبني (على أمرٍ) وعملِ (قدّره الله) تعالى وحكمه (عليَّ) في سابق علمه (قبل أن يخلقني) وينفخ في الروح (بأربعين سنة) حين خمر طينتي فكيف يمكنني الامتناع من أكل الشجرة بعد ما قدره علي. (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) عند ذلك (فحج آدم) وغلب (موسى) بالحجة وقوله (فحجَّ آدمُ موسى) كرره للتأكيد أي غلبه بالحجة بأن ألزمه بأن العبد ليس بمستقل بفعله ولا متمكن من تركه بعد أن قضي عليه من الله تعالى وما كان كذلك لا يحسن اللوم عليه عقلًا وأما اللوم شرعًا فكان منتفيًا بالضرورة إذ ما شرع لموسى أن يلوم آدم في تلك الحالة وهو أيضًا في عالم البرزخ وهو غير عالم التكليف حتى توجّه فيه اللوم شرعًا وأيضًا لا لوم على تائب ولذلك ما تعرَّض لنفيه آدم في الحجة وعلى هذا لا يرد أن هذه الحجة ناهضة لفاعل ما يشاء لأنه ملوم