الجيم بالبناء للمجهول من الإنتاج يقال أنتجت الناقة إذا أعنتها على النتاج وقال في المغرب نتج الناقة ينتجها إذا ولى نتاجها حتى وضعت فهو ناتج وهو للبهائم كالقابلة للنساء والمعنى فأبواه يهوِّدانه مثلًا حالة كونه مثل البهيمة التي تنتج بهيمة سليمة الأعضاء كاملتها أو كما صفة لمصدر محذوف أي يغيرانه تغييرًا مثل تغييرهم البهيمة السليمة فيهوِّدانه وينصِّرانه تنازعا في كما على كلا التقديرين قال النووي وقوله "كما تنتج البهيمة" بالرفع على أنه نائب فاعل "بهيمة" بالنصب على الحال: جمعاء" صفة لبهيمة والمعنى كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء أي مجتمعة الأعضاء سليمة من نقص لا توجد فيه جدعاء وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء ومعناه أن البهيمة قلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها اهـ وجملة قوله (هل تحسون) وتجدون (فيها) أي في البهيمة (من جدعاء) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة وبالمد أي مقطوعة الأطراف أو أحدها في موضع النصب صفة ثانية لبهيمة أو كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء مقولًا فيها هل تحسون فيها من جدعاء وفيه نوع من التأكيد يعني أن كل من نظر إليها قال هذا القول لسلامتها (ثم) ما حدث هذا الحديث (يقول أبو هريرة) رضي الله عنه (واقرؤوا إن شئتم) مصداق ذلك قوله تعالى: ({فِطْرَتَ اللَّهِ}) أي الزموا فطرة الله أي ملته الحنيفية ({الَّتِي فَطَرَ}) أي خلق وطبع ({النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبْدِيلَ}) ولا تغيير ({لِخَلْقِ اللَّهِ}) أي لملّته التي طبع الناس عليها من أوّل خلقتهم وهي ملّة التوحيد (الآية) أي أتم الآية من سورة (الروم: ٣٠).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٣٤٦] والبخاري في مواضع منها في القدر [٦٥٩٩] وأبو داود في السنة باب ذراريّ المشركين [٤٧١٤] والترمذي في القدر باب كل مولود إلا يولد على الملة [٢١٣٩] قال القسطلاني "قوله كما تنتج البهيمة" إلخ فيه تشبيه المعقول. بالمحسوس المشاهد ليفيد أن ظهوره بلغ في الكشف والبيان مبلغ هذا المحسوس المشاهد ومحصله أن العالم إما عالم الغيب أو عالم الشهادة فإذا نُزل الحديث على عالم الغيب أشكل معناه وإذا صرف إلى عالم الشهادة سهل تعاطيه فإذا نظر الناظر إلى المولود نفسه من غير اعتبار عالم الغيب وأنه ولد على الفطرة من