للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَوْمًا. قَال: فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رَجُلَينِ اختَلَفَا في آيَةٍ. فَخَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، يُعْرَفُ في وَجْهِهِ الْغَضَبُ. فَقَال: "إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبلَكُمْ بِاختِلَافِهِمْ فِي الكِتَابِ"

ــ

إليه في الهاجرة وهي وقت شدة الحرِّ وسط النهار (يومًا) من الأيام (قال) عبد الله بن عمرو (فسمع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصواتَ رجلين اختلفا في) تفسير (آية) من أي القرآن ولم أر من ذكر اسم الرجلين ولا عين تلك الآية (فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) من منزله ونحن في المسجد حالة كونه (يُعرف في وجهه الغضب) أي أثر غضبه من احمرار وجهه بعد أن كان أبيض (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّما هلك من كان قبلكم) من الأمم (بـ) سبب (اختلافهم في الكتاب) أي في معنى كتابهم وتفسيره بعضهم فسَّره بما يوافق هواهم وبعضهم بما يوافق الحق يعني أن الأمم السابقة اختلفوا في الكتب المنزلة عليهم فكفر بعضهم بكتاب بعض آخر فهلكوا فلا تختلفوا أنتم في هذا الكتاب والمراد بالاختلاف ما كان بحسب نظمه المفضي إلى النزاع والخصام في كونه منزلًا من الله تعالى لا الاختلاف في وجوه المعاني اهـ مبارق وقال النووي والمراد هنا بهلاك الأمم السابقة هو هلاكهم في الدين بكفرهم وابتداعهم فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن مثل فعلهم.

قال القرطبي: لم يكن هذا الاختلاف اختلافًا في القراءة لأنه صلَّى الله عليه وسلم قد سوَّغ أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف ولم يكن أيضًا اختلافًا في كونه قرآنًا لأن ذلك معلوم لهم ضرورة ومثل هذا لا يختلف فيه المسلمون ولا يقرون عليه فإنه كفر فلم يبق إلَّا أنَّه كان اختلافًا في المعنى ثم تلك الآية يحتمل كونها من المحكمات الظاهرة المعنى فخالف فيها أحدهما الآخر إما لقصور فهم إما لاحتمال بعيد فأنكر النبي صلَّى الله عليه وسلم ذلك إذ قد ترك الظاهر الواضح وعدل إلى ما لا ليس كذلك ويحتمل كونها من المتشابه فتعرضوا لتأويلها فأنكر النبي صلَّى الله عليه وسلم ذلك فيكون فيه حجة لمذهب السلف في التسليم للمتشابهات وترك تأويلها اهـ من المفهم.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>