للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُني. إِنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي. وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ، ذَكَرْتُهُ في مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ. وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا. وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا. وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً"

ــ

جانب الخوف لأنه لا يختاره لنفسه بل يعدل إلى ظن وقوع الوعد وهو جانب الرجاء، وهو كما قال أهل التحقيق مقيد بالمحتضر ويؤيد ذلك حديث: "لا يموتن أحدكم إلَّا وهو يحسّن الظن بالله، وهو عند مسلم من حديث جابر، وأما قبل ذلك ففي الأولى أقوالٌ ثالثها الاعتدال، وقال ابن أبي حمزة: المراد بالظن هنا العلم وهو كقوله تعالى: {وَظَنُّواْ أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إلَّا إِلَيْهِ} اه.

(وأنا معه) أي مع عبدي (حين يذكرني) ومعية الله سبحانه مع عبده صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نُكيّفها ولا نُمثّلها {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ثم الذكر المذكور يشمل ذكر القلب وذكر اللسان (أن ذكرني في نفسه) أي إن ذكرني بقلبه أو بلسانه خاليًا منفردًا عن الناس بحيث لا يطلع أحد من الخليقة على ذكره إياي (ذكرته في نفسي) أي ذكرته بالجزاء الَّذي لا يطلع عليه أحد من خلقي مما أعددت له من كرامتي التي أخفيتها عن خليقتي {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي جازيته جزاء لا يطلع عليه أحد من خلقي ولا يقادر قدره إلَّا أنا وفيه دلالة على أفضلية السر في الذكر وإن ذكرني في ملإٍ وجماعة من الناس (ذكرته في ملأ هم خير منهم) وهم الملائكة يعني أن من ذكره في ملإٍ من الناس ذكره الله تعالى في ملإ من الملائكة أي أثنى عليه ونَوَّهَ باسمه في الملائكة، وأمَرَ جبريل أن ينادي بذكره في ملائكة السماوات كما تقدم، وهو ظاهر في تفضيل الملائكة على بني آدم وهو أحد القولين للعلماء، وللمسألة غور ليس هذا محل ذكره (وإن تقرَّب مني) عبدي (شبرًا) وهو ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر أو الوسطى (تقرَّبت إليه ذراعًا) وهو شبران (وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرّبت منه باعًا) وهو ذراعان (وإن أتاني يمشي) على العادة بلا إسراع في المشي (أتيته هرولة) أي مسرعًا، والمذهب الصحيح أن قرب الله سبحانه إلى عبده ذراعًا أو باعًا وهرولته إلى عبده صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيّفها ولا نمثلها ولا نؤولها -ليس كمثله شيء- لأنه من أحاديث الصفات يجري على ظاهره فلا يُؤوّل. وقال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره ومعناه من تقرب إليَّ بطاعتي تقربت

<<  <  ج: ص:  >  >>