قوله:(ليغان) بوزن يباع مضارع مبني للمجهول من الغين أي ليغطى على قلبي والغين التغطية وكذا الغيم ومنه يقال للغيم الغين لأنه يغطي السماء ولا يظن أن أحدًا قال: إن قلب النبي صلى الله عليه وسلم تأثر بسبب ذنب وقع بغين أو طبع فإن من جوز الصغائر على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يقل إنها إذا وقعت منهم أثرت على قلوبهم كما تؤثر الذنوب في قلوب العصاة بل هم مغفور لهم ومكرمون وغير مؤاخذين بشيء من ذلك فثبت بهذا أن ذلك الغين ليس هو بسبب ذنب ولكن اختلفوا في ذلك الغين فقالت طائفة: إنه عبارة عن فترات وغفلات عن الذكر الذي كان دأبه وعادته فكان يستغفر الله من تلك الفترات، وقيل: كان ذلك بسبب ما اطلع عليه من أحوال أمته وما يكون منها بعده فكان يستغفر الله لهم، وقيل: كان ذلك لما يشغله من النظر في أمور أمته ومصالحهم ومحاربة عدوه عن عظيم مقامه فكان يرى أن ذلك وإن كان من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال نزول عن علو درجاته ورفعة مقامه فيستغفر ربه من ذلك، وقيل: كان ذلك حال خشية وإعظام لله تعالى، والاستغفار الذي صدر منه لم يكن لأجل ذلك الغين بل للقيام بالعبادة ألا ترى قوله في الحديث إنه ليغان في قلبي وإني لأستغفر الله فأخبر بأمرين مستأنفين ليس أحدهما معلقًا على آخر، وقال بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي في المقامات سريع التنقل في المنازلات فكان إذا ترقى من مقام إلى غيره اطلع على المنتقل عنه فظهر له أنه نقص بالنسبة إلى المتنقل إليه فكان يستغفر الله من الأول ويتوب منه كما قال في هذا الحديث، وقد أشار الجنيد رحمه الله إلى هذا بقوله: حسنات الأبرار سيئات المقربين والله تعالى أعلم اه من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٢٦٠]، وأبو داود في الصلاة باب في الاستغفار [١٥١٥].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المزني رضي الله عنه فقال:
٦٦٨٩ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر) محمد بن جعفر (عن شعبة عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق المرادي الجملي الكوفي الأعمى، ثقة، من (٥) روى عنه في (١٣) بابًا (عن أبي بردة قال: سمعت الأغر) المزني الكوفي