للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ. وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ. وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيكَ

ــ

قبره، وقيل: الحكمة في الاضطجاع على اليمين أن يتعلق القلب إلى الجانب اليمين فلا يثقل النوم، وفيه دليل على أن النوم على طهارة كاملة أفضل ويتأكد الأمر في حق الجنب غير أن الشرع قد جعل وضوء الجنب عند النوم بدلًا عن غسله تخفيفًا عليه وإلا فذلك الأصل يقتضي أن لا ينام حتى يغتسل، وقد تقدم القول في الأمر في حق الجنب عند النوم في الطهارة اه من المفهم.

قال النووي: في هذا الحديث ثلاث سنن مهمة مستحبة ليست بواجبة إحداها الوضوء عند إرادة النوم فإن كان متوضئًا كفاه لأن مقصوده النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته وليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلعب الشيطان في منامه وترويعه إياه، والثانية النوم على الشق الأيمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ولأنه أسرع إلى الانتباه، والثالث ذكر الله تعالى ليكون خاتمة عمله إن مات في نومه اه منه.

(ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي) أي نفسي وذاتي (إليك) أي استسلمت لأمرك وجعلت نفسي خاضعة منقادة طائعة لحكمك، وفي رواية (نفسي) بدل (وجهي) وكلاهما بمعنى الذات والشخص فكأنه قال: أسلمت ذاتي وشخصي، وقيل: إن معنى الوجه القصد والعمل الصالح ولذلك جاء في رواية (أسلمت نفسي إليك ووجهي إليك) فجمع بينهما فدل على أنهما أمران متغايران كما قلناه ومعنى أسلمت سلّمت واستسلمت أي سلمتها لك إذ لا قدرة لي على تدبيرها ولا على جلب ما ينفعها ولا على دفع ما يضرها بل أمرها إليك مسلّم تفعل فيها ما تريد واستسلمت لما تفعل فيها فلا اعتراض على ما تفعل ولا معارضة اه من المفهم، والمعنى جعلت نفسي منقادة لك وجعلت قصدي متوجهًا نحوك.

قوله: (ثم اضطجع على شقك الأيمن) بكسر الشين وتشديد القاف بمعنى الجانب، قال ابن الجوزي: هذه الهيئة نَصَّ الأطباء على أنها أصلح للبدن قالوا: يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن ساعة ثم ينقلب إلى الأيسر لأن الأول سبب لانحدار الطعام، والنوم على اليسار يهضم الطعام لاشتمال الكبد على المعدة، ذكره الحافظ في الفتح.

(وفوضت أمري إليك) أي توكلت عليك في أمري كله لتكفيني همه وتتولى إصلاحه (وألجأت ظهري إليك) أي أسندت إليك لتقويه وتعينه على ما ينفعني لأن من استند إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>