لعباده على مدح ذاته المقدسة يثيبهم على مدحهم إياه لا لأنه يهتز للمدح ويرتاح لذلك فإن ذلك من سمات فقرنا وحدوثنا وهو منزه عن ذلك كله والمعنى أي لا لاحتياجه إلى مدحهم بل ليثيبهم على مدحه، قال النووي: ومدح العباد لربهم فيه مصلحة لهم لأنهم يثنون عليه سبحانه فيثيبهم فينتفعون به وهو سبحانه غنيٌّ عن العالمين لا ينفعه مدحهم ولا يضره تركهم مدحه سبحانه، وفي الحديث تنبيه على فضل الثناء عليه تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره وسائر الأذكار، ومعنى مدح العباد لربهم وصفه بكمالاته كالتسبيح والتحميد والتمجيد والتهليل والتكبير مثلًا وحبه سبحانه لمدحهم صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها أثرها الإثابة لهم والإنعام عليهم والإكرام بهم وفي مدحهم لربهم مصلحة لهم لا لربهم لأن مدحه تعالى يبعث في الإنسان حالة الرجوع إلى الله تعالى والشكر له والإنابة إليه وكل ذلك يعينه في الاجتناب عن المعاصي ويبعثه على أداء الحقوق.
(وليس أحد أغير) أي أشد غيرة على ارتكاب حرماته واقتراف معاصيه (من الله) سبحانه وتعالى، ومعنى الغيرة في حق العباد الحمية على انتهاك حرمة حريمه وهيجان الغضب لذلك وإرادة الانتقام ممن انتهك حرمة حريمه، وأما غيرة الله سبحانه فهي صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير أثرها الانتقام ممن انتهك محارمه والعقوبة له (من أَجل ذلك) أي من أَجل كونه أغير على محارمه (حرّم الفواحش) والكبائر من المعاصي وكان شديد الانتقام والعقوبة لمن ارتكبها واقترفها.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [١/ ٣٨١]، والبخاري في مواضع منها في النكاح في باب المغيرة [٥٢٢٠] وفي تفسير سورة الأنعام [٤٦٣٤] وسورة الأعراف [٤٦٣٧] وفي التوحيد [٧٤٠٣] والتِّرمذيّ في باب [٩٧] حديث [٣٥٩١].
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
٦٨١٩ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير وأبو كُريب) محمَّد بن