وسلم اعتذارًا إليه بالكذب كما قالوا لي (حين ذكروهما) أي حين ذكر أولئك الرجال (لي) الرجلين الصالحين اللذين لي بهما قدوة حسنة (قال) كعب: (ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا) والمحاورة معنا (أيها الثلاثة) بضم البناء الثابت له في حالة النداء في نحو قولهم يا أيها الثلاثة أقبلوا إلى لأنه نكرة مقصودة وهنا منصوب على الاختصاص بفعل محذوف وجوبًا تقديره أخص أيها الثلاثة (من بين من تخلف عنه) وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الأخير منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، الثلاثة تابع للفظ أي لأنه صفة له والجار والمجرور في قوله من بين متعلق بأخص المحذوف، قال سيبويه نقلًا عن العرب: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة وهذا مثله والمعنى أخص هذه الثلاثة خصوصًا من بين من تخلف عنه، قال أبو سعيد السيرافي: إنه مفعول فعل محذوف أي أُريد الثلاثة أي أخص الثلاثة، وخالفه الجمهور وقالوا: أي منادى والثلاثة صفة له وإنما أوجبوا ذلك لأنه في الأصل كان كذلك فنُقل إلى الاختصاص، وكل ما نُقل من باب إلى باب فإعرابه بحسب أصله كأفعال التعجب اه قسطلاني. وليس هذا من الهجران الممنوع لكونه لسبب ديني منصوص كما تقدم تفصيله في البر والصلة باب تحريم الهجران فوق الثلاث.
(قال) كعب: (فاجتنبنا الناس) بفتح الموحدة أي ابتعدوا عن كلامنا ومحاورتنا (وقال) كعب: (تغيروا لنا) أي تغير الناس علينا كأنهم لا يعرفوننا وتغير جميع ما في الأرض علينا (حتى تنكَّرت لي) أي حتى تغيرت عليَّ (في نفسي الأرض فما هي) أي فما الأرض التي ولدنا فيها (بالأرض التي أعرف) لتوحشها عليّ وهذا يجده الحزين والمهموم في كل شيء حتى يجده في نفسه، وفي رواية معمر عند أحمد وتنكرت لي الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف وتنكر لنا الناس حتى ما هم الذين نعرف، وزاد البخاري في التفسير (وما من شيء أهم إليّ من أن أموت فلا يصلي عليّ رسول الله