وسكون الضاد وفتح الياء أو بكسر الضاد وسكون الياء اسم مكان من ضاع أي ولا بمكان يضيع فيه حقك ولا بدار يهان فيه قدرك (فالحق بنا) بفتح الحاء المهملة أي فات إلينا (نواسك) بضم النون وكسر السين المهملة من المواساة أي إن لحقت بنا نحسن إليك ببعض أموالنا ونشاركك فيها بالجزم في جواب الطلب، وفي بعض النسخ (نواسيك) بإثبات الياء على الاستئناف وهو صحيح أيضًا أي ونحن نواسيك ونعطيك من أموالنا (قال) كعب (فقلت) في نفسي (حين قرأتها) أي قرأت تلك الرسالة أو الصحيفة المكتوب فيها، وذكر المقول بقوله (وهذه) الصحيفة (أيضًا) أي كهجران المسلمين (من البلاء) أي من الاختبار، وفي رواية لابن أبي شيبة (فقلت: إنا لله، وقد طمع فيّ أهل الكفر)(فتياممت) هكذا هو في جمع النسخ التي ببلادنا وهي لغة من تيممت أي قصدت (بها) بتلك الصحيفة (التنور) بفتح الفوقية وتشديد النون المشددة المضمومة هو المكان الذي يُخبز فيه فرميتها فيه (فسجرتها) بالسين المهملة المفتوحة والجيم أي أوقدت نار التنور (بها) أي بتلك الصحيفة، وفي رواية البخاري (فسجرته) أي أوقدت التنور وألهبته بها والضمير المؤنث في بها للصحيفة أو الرسالة المفهومة من لفظ الكتاب وهذا يدل على قوة إيمانه وشدة محبته لله ورسوله على ما لا يخفى، وعند ابن عائذ أنه شكا حاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما زال إعراضك عنّي حتى رغب فيَّ أهل الشرك اه قسطلاني.
قال الحافظ في الفتح: دل صنيع كعب هذا على قوة إيمانه ومحبته لله ولرسوله وإلا فمن صار في مثل حاله من الهجر والإعراض قد يضعف عن احتمال ذلك وتحمله الرغبة في الجاه والمال على هجران من هجره ولا سيما مع أمنه من الملك الذي استدعاه إليه أنه لا يكرهه على فراق دينه لكن لما احتمل عنده أنه لا يأمن من الافتتان حسم المادة وأحرق الكتاب ومنع الجواب هذا مع كونه من الشعراء الذين طُبعت نفوسهم على الرغبة، ولا سيما بعد الاستدعاء والحث على الوصول إلى المقصود من الجاه والمال، ولا سيما والذي استدعاه قريبه ونسيبه ومع ذلك فغلب عليه دينه وقوي عنده يقينه ورجح ما هو فيه من النكد والتعذيب على ما دُعي إليه من الراحة والنعيم حبًا لله ولرسوله اه منه.
ومكثنا على ذلك الهجران (حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي)