للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ.

فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيُّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامٍ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ. يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُون لَهُ إِلَيَّ. حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ. وَكُنْتُ كَاتِبًا. فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ. وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ

ــ

الحديث معه والمباسطة وإفادة المعاني فأما مثل هذا الكلام الذي يقتضي الإبعاد والمنافرة فلا، والله أعلم ألا ترى أنه لم يرد عليه السلام ولا التفت لحديثه اه من المفهم.

قال كعب: (فـ) لما قال أبو قتادة ذلك (فاضت) أي سألت (عيناي) دموعًا (وتوليت) عنه أي أدبرت عنه وذهبت من عنده (حتى تسورت) أي علوت (الجدار) أي جدار سور البستان للخروج منه (قال) كعب كما في رواية البخاري (فبينا أنا أمشي في سوق المدينة) أي فبينما أوقات مشيي في سوق المدينة، وإذا في قوله (إذا نبطييٌّ) أي فلاح وحراث (من نبط) وفلاح (أهل الشام ممن قدم بالطعام) من الشام لـ (يبيعه بالمدينة يقول) ذلك النبطي، فجائية رابطة لجواب بينا أي فاجاني قول نبطي من أنباط الشام (من يدلـ) ـني (على كعب بن مالك) والنبطي بفتح النون والموحدة وكسر الطاء المهملة واحد الأنباط وهم فلاحو العجم وحراثهم للأرض، وكان نصرانيًا، ولم أر من ذكر اسمه وهو مشتق من استنباط الماء واستخراجه من الأرض وهؤلاء كانوا في ذلك الوقت أهل الفلاحة، وفي رواية معمر عند أحمد (إذا نصراني جاء بطعام له يبيعه) (قال) كعب: (فطفق) أي شرع (الناس يشيرون له) أي لذلك النبطي (إليّ) يعني ولا يتكلمون بقولهم مثلًا هذا كعب مبالغة في هجره والإعراض عنه (حتى جاءني) ذلك النبطي إليَّ (فدفع إليّ كتابًا من ملك غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة اسمه جبلة بن الأيهم، وقيل الحارث بن أبي شمر، وكان ملكًا لنصارى العرب له عهد وصداقة مع نصارى الروم، وعند ابن مردويه (فكتب إليَّ كتابًا في سرقة حرير) قال كعب: (وكنت كاتبًا) أي عارفًا لقراءة الكتابة (فقرأته) أي فقرأت ذلك الكتاب (فإذا فيه) أي في ذلك الكتاب (أما بعد) ما ذُكر (فإنه) أي فإن الشأن والحال (قد بلننا) ووصلنا (أن صاحبك) الذي آمنت به (قد جفاك) وأهانك وطردك (ولم يجعلك الله بدار هوان) وذل (ولا مضيعة) بفتح الميم

<<  <  ج: ص:  >  >>