ألتفت يمنة ولا يسرة (نظر إليّ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإذا التفتُ) أنا (نحوه) أي جهته (أعرض عني) بوجهه (حتى إذا طال ذلك) الهجران (عليَّ) حالة كون ذلك الهجران (من جفوة المسلمين) بفتح الجيم وسكون الفاء أي من إعراضهم عني في الكلام (مشيت) من بيتي (حتى تسوَّرت) وصعدت وعلوت أعلى (جدار حائط أبي قتادة) الأنصاري الحارث بن ربعي رضي الله عنه أي جدار بستانه أي أعلى سور بستانه، وفيه دليل على جواز دخول الإنسان بستان صديقه وقريبه الذي يدل عليه وينبسط إليه ويعرف أنه لا يكره له ذلك بغير إذنه بشرط أن يعلم أنه ليس له هناك زوجة مكشوفة ونحو ذلك اه نووي. أي علوت سور بستانه ولعل ذلك من بشاشة العشرة فيما بينهما لكونه ابن عمه كما قال (وهو) أي أبو قتادة (ابن عمي) لأنه من بني سلمة وليس هو ابن عمه أخي أبيه الأقرب (وأحب الناس إليّ) أي عندي (فسلمت عليه فوالله ما رد عليّ السلام) لعموم النهي عن كلام الثلاثة (فقلت له) أي لأبي قتادة: (يا أبا قتادة أنشدك) بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة من باب نصر، وأصله من النشيد وهو الصوت، قال في المصباح: نشدتك الله، وبالله أنشدك؛ ذكرتك به واستعطفتك أو سألتك به مقسمًا عليك اه أي أسألك (بالله هل تعلمنَّ) أنت يا أبا قتادة (أني أحب الله ورسوله؟ قال) كعب (فسكت) عني أبو قتادة فلم يرد على جوابًا (فعدت) أي رجعت إلى تكليمه (فناشدته) أي سألته بالله (فسكت فعدت فناشدته فقال) لي أبو قتادة: (الله ورسوله أعلم) ذلك أي محبتك إياهما وليس ذلك تكليمًا لكعب لأنه لم ينو به ذلك لأنه منهي عنه بل أظهر اعتقاده فلو حلف لا يكلم زيدًا فسأله عن شيء فقال: الله أعلم ولم يرد جوابه ولا إسماعه لا يحنث، قال القرطبي: ظاهر هذا الكلام أنه أجابه عند إلحاحه عليه بالسؤال فيكون قد كلمه مخالفًا للنهي، وقد يؤول بأن أبا قتادة قال ذلك لنفسه مخبرًا عن اعتقاده ولم يقصد كلامه ولا إسماعه. [قلت]: ويحتمل أن يقال إن أبا قتادة فهم أن الكلام الذي نُهي عنه إنما هو