{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وفي الصحاح الصدقة ما تُصدِّق به على الفقراء فعلى هذا يكون نصبها على الحال من مالي كما قررناه في حلنا، وقوله:(إلى الله وإلى رسوله) أي صدقة خالصة لله ولرسوله فإلى بمعنى اللام، قال القرطبي: قوله: (أن أنخلع من مالي) أي إن عليّ ذلك فهي صيغة نذر والتزام خرج مخرج الشكر وابتغاء الثواب أقرَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك جائزًا، ولم يدخل في عموم النذر المنهي عنه بقوله:"لا تنذروا" رواه أحمد والبخاري ومسلم وقد بينا ذلك فيما تقدم، وعلى مقتضى هذا اللفظ فقد وجب عليه إخراج كل ماله لكن لما كان ذلك يؤدي إلى أن يبقى فقيرًا محتاجًا وربما يُفضي به ذلك إلى سؤال الناس وإلى الدخول في مفاسد اكتفى الشرع منه ببعضه فقال:"أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" وهذا البعض الذي أمره بإمساكه هو الأكثر، والمتصدَّق به هو الأقل، كما قال في حديث سعد "الثلث والثلثُ كثير" متفق عليه اه من المفهم، قال النووي: وفي الحديث استحباب الصدقة شكرًا للنعم المتجددة لا سيما ما عظم منها وإنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفًا من تضرره بالفقر وأن لا يصبر على الإضافة ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بجميع ماله لأنه كان صابرًا راضيًا (فإن قيل) كيف قال أن أنخلع من مالي فأثبت له مالًا مع قوله أولًا (نزعت ثوبيَّ والله ما أملك غيرهما) فالجواب أن المراد بقوله أن أنخلع من مالي الأرض والعقار ولهذا قال فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، وأما قوله ما أملك غيرهما فالمراد به من الثياب ونحوهما مما يخلع ويليق بالبشير اه منه (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك بعض مالك فهو خير لك) خوفًا من تضرره بالفقر وعدم صبره على الإضافة (قال) كعب: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال) كعب: (وقلت يا رسول الله إن الله) عز وجل (إنما أنجاني) من غضبه (بالصدق) في إخباري لك بعدم العذر لي في تخلفي عنك في غزوة تبوك (وإن من) قبول (توبتي) أيضًا (أن لا أحدث إلَّا) كلامًا (صدقًا ما بقيت) بكسر القاف في الدنيا (قال) كعب: (فوالله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبلاه الله) تعالى