أنهم ممن يُتبرك بلقائهم ويُغتنم صالح دعائهم وأنهم يجب احترامهم وتعظيمهم فيتمسَّح بأثوابهم وتُقبّل أيديهم ويرون أن لهم من المكانة عند الله تعالى بحيث ينتقم لهم ممن تنقّصهم في الحال وبحيث يؤخذ من أساء الأدب عليهم من غير إمهال وهذه كلها نتائج الجهل العميم والعقل غير المستقيم فإن ذلك إنما يصدر من جاهل متعجب بنفسه غافل عن جرمه وذنبه مغتر بإمهال الله عز وجل له عن أخذه ولقد غلب أمثال هؤلاء الأنذال في هذه الأزمان فاستتبعوا العوام وعظمت بسببهم على أهل الدين المصائب والطوام فإنا لله وإنا إليه راجعون، وهذه نفثات الصدور وإلى الله عاقبة الأمور اه من المفهم.
(ولكني) بالتشديد استدراك على الاستدراك الأوَّل (كنت أرجو) وآمل من الله سبحانه (أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا) أي منامًا (يبرئني الله) تعالى أي يُظهر الله براءتي (بها) أي بتلك الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قالت) عائشة: (فوالله ما رام) وفارق (رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه) الذي تشهد فيه وقال لي ما قال (ولا خرج من أهل البيت) الذين كانوا حاضرين حينئذٍ (أحد) ومعنى ما رام أي ما فارق وهو من رام يريم ريمًا من باب باع وأما رام يروم رومًا من باب قال فمعناه قصد، قال القرطبي: قوله: (ما رام مجلسه) أي ما برحه ولا قام عنه يقال رامه يريمه ريمًا أي برحه ولازمه ويقال: رمت فلانًا ورمت من عند فلان، قال الأعشى:
أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم
وأما رام بمعنى طلب فيقال منه رام يروم رومًا اه مفهم (حتى أنزل الله عز وجل) الوحي (على نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذه) صلى الله عليه وسلم (ما كان) دائمًا (يأخذه من البرحاء) بضم الموحدة وفتح الراء أي من العرق من شدة الوحي (عند الوحي حتى إنه) صلى الله عليه وسلم (ليتحدر) أي ليتصبب ويسيل (منه مثل الجمان) أي مثل الدر (من العرق في اليوم الشات) أي البارد (من ثقل) وشدة (القول الذي أُنزل عليه)