للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللَّهِ، مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَاّ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ.

قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي. قَالَتْ، وَأَنَا، وَاللهِ، حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ. وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءتِي. وَلكِنْ، واللهِ، مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى. وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بَأَمْرٍ يُتْلَى

ــ

والله ما أجد لي ولكم مثلًا) أي شبهًا في سؤالكم وجوابي لكم (إلا كما قال أبو يوسف) عليهما السلام، وفي رواية أبي أويس (نسيت اسم يعقوب لما بي من البكاء واحتراق الجوف أي لا أجد لي في جواب سؤالكم إلَّا قولًا مثل قول أبي يوسف إذ قال لأولاده: (فصبر جميل) أي فصبري على ما قلتم صبر جميل لا جزع فيه (والله المستعان على ما تصفون) أي على ما تقولون من الكذب (قالت) عائشة (ثم) بعد مقالتي هذه (تحولت) أي تنقلت عن محل قعودي (فاضطجعت على فراشي) زاد ابن جريج ووليت وجهي نحو الجدار (قالت) عائشة: (وأنا والله حينئذٍ) أي حين إذ قلت تلك المقالة واضطجعت على الفراش (أعلم) أي أتيقن (أني بريئة) مما قال أهل الإفك (و) أعلم (أن الله) سبحانه (مبرئي) بميم مضمومة فموحدة مفتوحة فراء مشددة وهمزة مكسورتين فتحتية ساكنة أي مُظهر براءتي للناس (ببراءتي) أي بسبب براءتي مما قالوا حقيقة (ولكن) بتخفيف النون استدراك على قولها، وأعلم أن الله مُبرّئي (والله ما كنت أظن أن يُنزل في شأني وحي يُتلى) على رسول الله صلى الله عليه وسلم واللام في قولها (ولشأني) لام الابتداء (كان أحقر) وأهون (في نفسي) وقلبي (من أن يتكلم الله عز وجل فيّ) أي في بيان شأني وبراءتي (بأمر) أي بقرآن (يُتلى) أي يُقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الناس إلى يوم القيامة.

قال القرطبي: وهذا الذي قالته عائشة دليل على أن الذي يتعين على أهل الفضل والعلم والعبادة والمنزلة احتقار أنفسهم وترك الالتفات إلى أعمالهم ولا إلى أحوالهم وتجريد النظر إلى لطف الله ومنته وعفوه ورحمته وكرمه ومغفرته وقد اغتر كثير من الجهال بالأعمال فلاحظوا أنفسهم بعين استحقاق الكرامات وإجابة الدعوات وزعموا

<<  <  ج: ص:  >  >>