الموطأ الذي فيه "لكفرهن" قيل: أيكفرن بالله؟ فقال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط" رواه مالك في الموطأ من حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.
قوله (وما رأيت من ناقصات عقل) معطوف على تكثرن، على كونه مقولًا لقال، وقال القرطبي: وقوله من ناقصات عقل، صفة لمحذوف هو مفعول أول لرأيت، على أن الرؤية علمية، وقوله أغلب مفعولٌ ثانٍ له، وإن قلنا إنها بصرية فهو صفة لذلك المحذوف، أي وما رأيت وعلمت أحدًا من ناقصات عقل (ودين أغلب) أي أكثر غلبة (لـ) رجل (ذي لب) أي صاحب عقل كامل (منكن) أي من إحداكن يا معشر النساء، وهذا تعجب من كثرة غلبتهن الرجال، أي إنكن مع ما فيكن من الرذيلتين، خُلقتن سالبات لنُهى الرجال ذوي العقل الكامل.
واللب العقل، سُمي بذلك لأنه خلاصة الإنسان ولُبه ولبابه، ومنه سُمي قلب الحَبِّ لبًا، والعقل الذي نقصه النساء هو التثبت في الأمور، والتحقق فيها، والبلوغ فيها إلى غاية الكمال وهن في ذلك غالبات بخلاف الرجال.
والدين هنا يُراد به العبادات، وليس نقصان ذلك ذمًا لهن، وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من أحوالهن على معنى التعجب من الرجال، حيث يغلبهم من نَقَصَ عن درجتهم، ولم يبلغ كمالهم، وذلك هو صريح قوله صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وفي معنى الحديث في غلبتهن الرجال قول الأعشى في امرأته:
وقذفتني بين عصرٍ مُؤتشب ... وهن شر غالب لمن غلب
والعصر هو اليابس من عيدان الشجر، والمؤتشب: الملتف المشتبك، وقصته مذكورة في شرح القاضي فراجعها، وقول معاوية: يغلبن الكرام، ويغلبهن اللئام، وقول صاحبة أم زرع وأغلبه والناس يغلب، وذكر الغزالي: أن ابن المسيب بلغ في العمر ثمانين، وذهبت إحدى عينيه، وبقي أربعين سنة لا يُرى إلا من داره إلى المسجد، ومع هذا فكان يقول: أخوف ما أخاف على نفسي من النساء.