وقال القاضي: وإدخال مسلم هذا الحديث في كتاب الإيمان لفائدتين:
إحداهما: بيان أن الكفر قد يطلق على كفر النعمة، وجحد الحق وتغطيته، وهو معنى الكفر في اللغة ..
والثانية: إظهار نقص الإيمان وزيادته بقوله "ناقصات عقل ودين".
(قالت) تلك المرأة الجزلة (يا رسول الله وما نقصان العقل والدين) فينا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما نقصان العقل) فيكن، أي أما علامة نقصان العقل منكن (فشهادة امرأتين تعدل) وتساوي (شهادة رجل) واحد (فهذا) المذكور من مساواة شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد سببه (نقصان العقل) فيكنَّ، قال المازري: نقصان شهادتهن لا يستقل دليلًا على نقضان عقلهن، حتى يتم بما نبه الله سبحانه وتعالى عليه من عدم ضبطهن بقوله:{فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} أي إنهن قليلات الضبط والعقل: العلم، وقيل: قوة يميز بها بين الحسن والقبيح، واختلف في محله، قيل: هو في القلب، وقيل: هو في الرأس.
(و) أما نقصان دينها فإنها (تمكث) وتجلس (الليالي) ذوات العدد الخمسة عشر، وما دونها حالة كونها (ما تصلي) ولا تؤدي الصلوات الخمس، لعارض الحيض والنفاس (و) إنها (تفطر) أيام الحيض (في رمضان فهذا) المذكور من ترك الصلاة والإفطار في رمضان (نقصان الدين) والعبادة، قال المازري: نقص دينها صحيح، إذا قلنا العبادات الدين، لأن من نقص عبادة نقص دينًا، ولا يعترض بالمسافر، فيقال: إنه يقصر وإنه ناقص الدين، لأن تركهن الصلاة إنما هو تنزيه لله تعالى، أن يعبدنه مستقذرات، بخلاف المسافر، فجاء النقص فيهن من هذا الوجه، وأيضًا فالنقص للمسافر غير لازم، لأن له أن لا يسافر فلا يسقط عنه، وهو لهن لازم إذ ليس لهن أن لا يحضن، وقد لا يحتاج إلى هذا، لأن المسافر إنما يغير العدد، وهن يتركن الصلاة جملة.
قال النووي: والحديث بين في أن الحائض لا تثاب على تركها الصلاة، وقالوا في المسافر والمريض يتركان نوافل الصلاة لعذرهما، إنهما يكتب لهما ثواب ما كان يتنفلان