للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)}

ــ

الضال المنّاع لمحمد عن العبادة وهو خطاب لأبي جهل (إن كان) العبد الذي صلى وهو محمد صلى الله عليه وسلم (على الهدى) في نفسه (أو أمر) غيره (بالتقوى) أي بتقوى الله تعالى فصددته عن ذلك ألم تعلم بأن الله يراك وهو قادر على أخذك وعقوبتك، فجوابه معلوم مما سيأتي، وقيل جوابه محذوف تقديره ألست تستحق من الله النكال والعقاب (أرأيت) يا محمد أي أخبرني عن شأن ذلك الطاغي المنّاع عن الصلاة (إن كذب) بالحق الذي جئت به (وتولى) أي أعرض عنه (يعني) الله سبحانه وتعالى بالذي كذب وتولى (أبا جهل، ألم يعلم بأن الله) عز وجل (يرا) فيأخذه أخذ عزيز مقتدر، وأرأيت في أصلها كلمة مستعملة في معنى أخبرني على أنها لا يُقصد بها في مثل هذه الآية الاستخبار الحقيقي بل يُقصد بها إنكار الحالة المستخير عنها وتقبيحها (كلا) أي ألا وعزتي وجلالي (لئن لم ينته) ولم ينزجر عن هذا التكذيب والتولي (لنسفعًا بالناصية) أي لنأخذن بناصيته ونجره إلى العذاب والنون خفيفة للتأكيد والناصية مقدم شعر الرأس، قال المبرد: السفع الجذب بشدة والأخذ بالناصية هنا مثل في القهر والإذلال والتعذيب والنكال (ناصية) بدل من الناصية الأولى (كاذبة خاطئة) صفتان للثانية وصفها بالوصفين التابعين لها لزيادة التشنيع بها (فليدع ناديه) أي فليستغث بأهل ناديه لينقذوه من العذاب إن قدروا، والنادي المجلس الذي يجتمع فيه القوم ويطلق على القوم أنفسهم أو المعنى فليجمع أمثاله ممن ينتدى معهم ليمنع المصلين المخلصين ويؤذي أهل الحق الصادقين فإن فعل ذلك فقد تعرض لقهرنا وتنكيلنا (سندع الزبانية) أي سندعو له من جنودنا القوي المتين الذي لا قبل له بمغالبته فيهلكه في الدنيا أو يرديه في الآخرة وهو ذليل صاغر، والزبانية في الأصل الشرط وأعوان الولاة وعساكرهم قيل إنه جمع لا واحد له، وقال أبو عبيدة: واحده زبنية كعفرية والمراد بالزبانية خزنة النار الموكلون بتعذيب الكفار وهم الملائكة الذين قال الله فيهم {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] وسموا زبانية من الزبن وهو الدفع لشدة دفعهم وبطشهم، قال الشاعر:

مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى ... زبانية غلب عظام كلومها

<<  <  ج: ص:  >  >>