دينار الأزدي البصري، ثقة، من (٧)(عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله) سبحانه (لا يظلم مؤمنًا حسنة) أي لا ينقص عن مؤمن جزاء حسناته ولو مثقال ذرة (يعطى بها) أي بحسنته (في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة) قال الطيبي في شرحه على المشكاة [٩/ ٢٨٦] قوله: (لا يظلم) أي لا ينقص وهو متعد إلى مفعولين: أحدهما مؤمن، والثاني حسنة؛ ومعناه أن المؤمن إذا اكتسب حسنة يكافئه الله تعالى بأن يوسّع له رزقه ويرغد عيشه في الدنيا وبأن يجزى ويُثاب في الآخرة، والكافر إذا اكتسب حسنة في الدنيا بأن يفك أسيرًا أو ينقذ غريقًا يكافئه الله تعالى في الدنيا ولا يجزيه في الآخرة، وقوله:(يُعطي بها في الدنيا) يعني ينعم الله تعالى إليه في الدنيا بسبب الحسنات التي باشرها، وذكر الطيبي أن استعمال لفظ الإعطاء لنعم الدنيا ولفظ الجزاء لنعم الآخرة يشير إلى أن ما يُعطى المؤمن من النعم في الدنيا ليس جزاء لحسناته وإنما هو فضل من الله وإحسان إليه وإن جزاءه ما سيجده في الآخرة والله أعلم (وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله) تعالى (في الدنيا حتى إذا أفضى) ووصل (إلى الآخرة) أي صار إليها (لم يكن له حسنة يُجزى بها) واعلم أن حسنات الكافر كالصدقة والصلة وخدمة الخلق لا تقربه إلى الله تعالى لفقدان الإيمان الذي هو شرط لكونها قربة ولكنها حسنات يكافأ بها في الدنيا.
قال النووي: أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره لا ثواب له في الدنيا ولا يُجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقربًا إلى الله تعالى، وصرح في هذا الحديث بأن يُطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات اه وأما إذا فعل الكافر الحسنات التي لا تفتقر إلى النية كصلة الرحم والصدقة وأمثالها ثم أسلم فإنه يثاب عليها في الآخرة على المذهب الصحيح لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله تعالى له كل حسنة كان زلفها" والله أعلم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات الست ولكنه شاركه أحمد [٣/ ١٢٣ و ٢٨٣].