ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو مثل المؤمن كالزرع بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٦٩١٩ - (٢٧٧٩)(١٣٩)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (٨) روى عنه في (١١) بابًا (عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (٧)(عن الزهري عن سعيد) بن المسيب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الزرع) شبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالزرع في أن الريح تميل الزرع وتحركه عن الاعتدال كما أن المؤمن تحركه الأمراض والبلايا، ولعل في التشبيه إشارة إلى أن الأمراض والبلايا عاقبتها محمودة للمؤمن لأنها تكفّر ذنوبه وترفع درجاته كما أن حركة الزرع بالرياح تساعده في نشاتها ونموها، قال النووي: قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله وذلك مكفّر لسيئاته ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء من الآلام لم يُكفّر بل يأتي بها يوم القيامة كاملة اه نووي. وقال المهلب: معنى هذا الحديث إن المؤمن من حيث جاءه أمر الله انطاع له ولان له ورضي به، وإن جاءه مكروه رجا فيه الخير وإذا سكن البلاء اعتدل قائمًا لشكر ربه على البلاء بخلاف الكافر في ذلك اه، وقوله:(لا تزال الريح تميله) أي تميل الزرع وتحرّكه عن الاستواء في القامة يمنة وشرة (ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء) والمرض والألم حتى يخرجه عن حالة الاعتدال والصحة عائد إلى المشبه والمشبه به على طريقة اللف والنشر المشوش، والتقدير مثل المؤمن في إصابة البلاء التي تكون كفارة لذنوبه كمثل الزرع الذي تحركه الريح التي له فيها زيادة نشوء ونمو في كون كل منهما يصيبه العارض الذي يخرجه عن الاستواء والاعتدال مع وجود المصلحة لهما فيه (ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز) التي (لا تهتز) ولا تتحرك بالريح تحركًا يميلها عن الاستقامة والاعتدال (حتى تستحصد) وتنقلع مرة واحدة كالزرع انتهى يبسه فيحصد.