الأصحاب نظرًا إلى ما كانوا عليه في حياته صَلَّى الله عليه وسلم (فيقال) له من جهة الله (إنك لا تدري) ولا تعلم يا محمَّد (ما أحدثوا بعدك) من الارتداد (فأقول) حينئذٍ كما قال العبد الصالح) يعني عيسى عليه السَّلام: ({وَكُنْتُ عَلَيهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٧ - ١١٨]) (قال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: (فيقال لي إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم) أي راجعين إلى دينهم الأوَّل الذي هو الشرك بالله (منذ فارقتهم) أي بعدما فارقتهم بالوفاة (وفي حديث وكيع ومعاذ) بن معاذ أي في روايتهما لفظة (فيقال) لي: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) بدل ما قال غيرهما لفظة (إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم) والمعنى واحد.
وقد بسطنا الكلام على معنى هذا الحديث في كتاب الفضائل باب إثبات حوض النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم وذكرنا هناك أن الراجح أن مصداق هؤلاء الرجال الذي طردوا عن الحوض هم الذين ارتدوا في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
(فإن قلت): قد دل هذا الحديث بقوله إن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السَّلام على أن إبراهيم أفضل من نبينا صَلَّى الله عليه وسلم لأنَّه يكسى أول الخلائق.
(قلت): هذا فضل جزئي حصل له لما ذكرنا من الحكمة السابقة فلا يستلزم أن يكون أفضل من النَّبيِّ الكريم صَلَّى الله عليه وسلم على الإطلاق.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال: