فعل مضارع مجزوم بمن الشرطية، والأول على أنه فعل ماض في موضع الجزم بها اهـ مفهم.
قوله (القاعد فيها خير من القائم) وفي رواية آتية (النائم فيها خير من اليقظان واليقظان فيها خير من القائم) قال الداودي: الظاهر أن المراد من يكون مباشرًا لها في الأحوال كلها يعني أن بعضهم في ذلك أشذ من بعض فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببًا لإثارتها ثم من يكون قائمًا بأسبابها وهو الماشي ثم من يكون مباشرًا لها وهو القائم ثم من يكون مع النظارة ولا يقاتل وهو القاعد ثم من يكون مجتنبًا لها ولا يباشرها ولا ينظر إليها وهو المضطجع اليقظان ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم والمراد بالأفضلية وهذه الخيرية من يكون أقل شرًّا ممن فوقه على التفصيل المذكور اهـ فتح الباري [١٣/ ٣٠ و ٣١].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المناقب في علامات النبوة [٣٦٠١] وفي الفتن باب فتنة القاعد فيها خير من القائم [٣٠٨١ و ٧٠٨٢].
والمقصود من الحديث حث الناس على اعتزال الفتن فكل من كان أكثر اعتزالًا وإن أبعد من الشر وإن درجات النائم واليقظان والقاعد تشير على درجات مختلفة من الاعتزال لا إلى درجات من الوقوع في الفتنة، والحاصل أن الإنسان ينبغي له أيام الفتنة أن يلزم بيته ما أمكن لأنه وإن لم يخرج لقصد الفتنة فإنها ربما تدركه فيقع فيها.
قوله (من تشرف لها تستشرفه) أما لفظة تشرف فقد رُوي بفتح التاء والشين من تفعل الخماسي نظير تكلم، ورُوي أيضًا (من يشرف) بضم الياء وسكون الشين وكسر الراء من باب أفعل الرباعي من الإشراف للشيء وهو الانتصاب والتطلع إليه والتعرض له (وأما تستشرفه) فهو بمعنى أنها تعلو عليه وتغلبه يقال استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه وقيل إنه من الإشراف بمعنى الإشفاء على الهلاك ومنه أشفى المريض على الموت وأشرف والمعنى أنها تجعله يشرف على الهلاك والحاصل أن من تطلع إلى هذه الفتنة لمجرد النظر إليها فإنها ربما تخطفه وتغلبه وتهلكه فلا ينبغي لإنسان أن يخرج إليها ولو لمجرد النظر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في الشاهد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: