بالله) سبحانه وتعالى أي تصديق بوجوده وبوحدانيته وبألوهيته وبجميع صفاته قال القاضي عياض: جعل الإيمان هنا عملًا، وهو غيره عند المتكلمين، لأنه عندهم التصديق.
ويدل عليه حديث جبريل - عليه السلام -، لأنه جعله فيه عمل قلب، وجعل الإسلام عمل الجوارح، وتقدم لنا نحن أنه التصديق والنطق، وأن تمامه العمل، وأجمعوا على أنه لا يكون مؤمنًا تام الإيمان إلا بعقد وقول وعمل، وهذا الإيمان هو الذي يُنجي من النار رأسًا، ويعصم الدم والمال، ولهذا الارتباط الذي بين الثلاثة صح إطلاق الإيمان على مجموعها، وعلى كل واحد منها، وكان أفضل الأعمال لأنه شرط في كلها.
وقد يحتمل أن يُريد بالإيمان المجعول أفضل الأعمال، الذكر الخفي، من تعظيم حق الله تعالى، وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وإدامة الذكر وتدبر آيات كتاب الله تعالى، وهي من أعمال القلب كما جاء في الحديث الآخر: "خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي "أخرجه أحمد عن سعد بن مالك (١/ ١٧٢) قال القرطبي: ولا يخفى أن الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال كلها لأنه متقدم عليها، وشرط في صحتها، وقد يوجه كون الإيمان أفضل بأن شرف الصفة بشرف متعلقها، ومتعلق الإيمان هو الله تعالى وكتبه ورسله، ولا أشرف من ذلك، فلا أشرف في الأعمال من الإيمان، ولا أفضل منه اهـ.
(قيل) له صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد الإيمان (ماذا) أفضل، أي: أيُّ عمل أفضل يا رسول الله، هكذا في نسخة الأبي والسنوسي والقرطبي بلفظ (قيل) وفي نسخة النواوي والقاضي وأكثر المتون (قال) بصيغة المعلوم أي (قال) السائل (ثم ماذا) وهو أبو ذر، ونسخة (قيل) أوضح وأنسب لقوله أولًا (سُئل) بصيغة المجهول (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلها (الجهاد في سبيل الله) وطاعته وطلب مرضاته لإعلاء كلمته العليا، لا للحمية ولا للوطنية ولا للغنيمة ولا لإظهار الشجاعة (قيل: ثم) بعد الجهاد (ماذا) أي أيُّ شيء أفضل يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلها (حج مبرور) أي حج لم يخالطه شيء من المآثم، هكذا رواية الحديث بلفظ "إيمان بالله" بلا زيادة شيء في رواية منصور بن أبي مزاحم (و) أما (في رواية محمد بن جعفر قال: إيمان بالله ورسوله) بزيادة لفظ رسوله بعد الجلالة.