عمر الذي قال فيه "بني الإِسلام على خمس"، قال النواوي: قال القفال فقد يكون السائل ذا نجدة فالجهاد في حق هذا أفضل وقد يكون له والدان لو خرج لجهاد لضاعا فالبر في حق هذا أفضل وقد يختلف جوابه بحسب ما يراه أليق بالزمان كما لو نزل العدو وخيف استئصاله وكما كان في صدر الإِسلام حين كان المراد إعزاز الدين وشهد لصحة هذه الاعتذارات حديث ابن عباس "حجة لمن لم يحج خير من أربعين غزوة وغزوة لمن حج خير من أربعين حجة" وقيل قدّم الجهاد في حديث أبي هريرة على الحج لأنه كان في أول الإِسلام ومحاربة أعدائه والجد في إظهاره، قال القفال: وقد يجمع بأن يكون الكلام على تقدير من أي من أفضل الأعمال كذا فيكون الإيمان أفضلها على الإطلاق وتستوي سائرها في كونها من أفضل، ثم يعرف فضل بعضها على بعض بدليل آخر، قال: ولا يمنع من هذا كونه في بعض الطرق معطوفًا بثم لأن ثم قد تكون للترتيب في الذكر لا في الحكم كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} وكقول الشاعر:
قل لمن ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده
(والحج المبرور) هو الذي لا يخالطه شيء من المأثم كما قال تعالى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال} قاله شمر. بفتح الشين وكسر الميم - بن حمدويه الهروي اللغوي الأديب المتوفى سنة (٣٥٥) ومنه بن في يمينه وبيعه إذا سلم من الحنث والخديعة وقال الحربي المبرور هو المقبول أي المثاب عليه وقيل هو المبذول فيه النوال لأنه صلى الله عليه وسلم سئل "ما بن الحج قال إطعام الطعام وطيب الكلام" رواه الحاكم في المستدرك من البر الذي هو فعل الجميل ويكون من البر بمعنى الصدق فيكون الحج المبرور الصادق الخالص لله تعالى ويقال بن حجك بضم الباء مبنيًّا للمفعول وبر الله حجك بفتحها مبنيًّا للفاعل.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني حديث أبي هريرة أَحْمد (٢/ ٣٣٠ و ٣٨٨ و ٥٣١) والبخاري (٥٠) والتِّرمذيّ (١٦٥٨) والنَّسائيّ (٥/ ١١٣).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(١٥٣) - متا (٠٠)(وحدثنيه) أي حَدَّثني الحديث المذكور يعني حديث أبي هريرة