وهي بمعنى العجيزة وذكر الطيبي في شرحه على المشكاة [١٠/ ١٤٥] أنها في الأصل اللحمة في أصل المقعد (نساء دوس) وهي قبيلة معروفة في اليمن، ومنهم أبو هريرة والمعروف في (ذي الخلصة) الفتح في الخاء واللام هكذا قرأته ورويته في كتاب مسلم، وفي السيرة لابن إسحاق قال القاضي: يقال بفتح الخاء واللام وضمهما وبسكون اللام وجدته بخطي عن أبي بحر في الأم، وذو الخلصة بيت فيه صنم يسمى ذا الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة وكان يسمى الكعبة اليمانية بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله فحرّفه اهـ من المفهم، وقال ابن الملك: وذو الخلصة بفتحات جمع خالص وذو الخلصة بيت فيه أصنام لدوس وخثعم وبجيلة، وقيل هو اسم صنم سمي به زعمًا منهم أن من عبده وطاف حوله فهو خالص. ومعنى الحديث أن بني دوس سيرتدون ويرجعون إلى عبادة الأصنام فترمل نساؤهم بالطواف حول ذي الخلصة فتتحرك أكتافهن وعجيزتهن اهـ ابن الملك، قوله (كان صنمًا يعبدها دوس) وكذا خثعم وبجيلة (في الجاهلية بتبالة) بفتح التاء والباء اسم موضع باليمن، وليست هي بتبالة التي يضرب بها المثل ويقال فيها أهون على الحجاج من تبالة لأن تلك بالطائف اهـ نووي، والأصل في هذا المثل أن تبالة كانت أول عمل وليه الحجاج بن يوسف الثقفي الجائر المشهور فسار إليها فلما قرب منها قال للدليل أين تبالة (اسم قرية) فقال: ما يسترها عنك إلا هذه الأكمة فقال: لا أراني أميرا على موضع تستره عني هذه الأكمة أهون بها ولاية وكر مراجعًا ولم يدخلها فاتخذه الناس مثلا وقالوا: أهون على الحجاج من تبالة راجع معجم البلدان للحموي [٢/ ٩].
قال ابن التين: والمراد من اضطراب نساء دوس حول ذي الخلصة أن نساء دوس يركبن الدواب من البلدان إلى الصنم المذكور اهـ، وقال الحافظ في الفتح [١٣/ ٧٦] ويحتمل أن يكون المراد أنهن يتزاحمن بحيث تضرب عجيزة بعضهن الأخرى عند الطواف حول الصنم المذكور وفي معنى هذا الحديث ما أخرجه الحاكم عن عبد الله بن عمر قال: "لا تقوم الساعة حتى تدافع مناكب نساء بني عامر على ذي الخلصة".
والظاهر من هذا الحديث ومن حديث عائشة الآتي أن جميع الناس يرتدون إلى الشرك ويعم الكفر جميع الأقطار بحيث لا يبقى على وجه الأرض مسلم، ولكن يرد عليه إشكالان: الأول أنه يبدو معارضًا لحديث جابر رضي الله عنه "إن الشيطان قد آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" وقد مر عن المؤلف في كتاب صفة القيامة باب تحريش