(قال) أبو ذر (قلت) يَا رسول الله (فإن لم أفعل) ذلك الإعتاق أي إن لم أقدر عليه ولا تيسر لي ذلك فماذا أفعل لأن المعلوم من أحوالهم أنَّهم لا يمتنعون من فعل مثل هذا إلَّا إذا تعذر عليهم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلها أن (تعين) وتساعد (صانعًا) بالصاد المهملة والنون أي من يعرف الصناعة والحرفة في صناعته وحرفته لتنال ثواب التعاون على البر كأن تعين للخياط في خياطته وللزراع في زراعته وللكاتب في كتابته مثلًا (أو تصنع) وتعمل (لأخرق) أي لمن لا يعرف الصناعة طلبًا لمرضاة الله سبحانه في العمل لا بالأجرة كأن تكتب لمن لا يعرف الكتابة أو تخيط لمن لا يعرف الخياطة مثلًا، والأخرق هو الذي ليس بصانع يقال رجل أخرق وامرأة خرقاء لمن لا صنعة له.
قوله (تعين صانعًا) والرواية المشهورة من جميع طرق مسلم في الحديث الآخر لهشام والزهري (ضايعًا) بالضاد المعجمة وبالياء التحتانية، لكن قال ابن المدينيّ والدارقطني إنه تصحيف من هشام ورواه عبد الغافر الفارسي "صانعًا" بالصاد المهملة والنون وهو الصواب لمقابلته لأخرق وهو الذي لا يحسن العمل يقال رجل أخرق وامرأة خرقاء وهو ضد الحاذق بالعمل فإن حذقا في الصنعة قيل رجل صنع بفتح الصاد والنون بلا أَلْف وامرأة صناع بالألف بعد النُّون قال أبو ذؤيب في الرَّجل:
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
والمسرودة الدرع المثقوبة حلقها بالمسمار ليربط بعضها ببعض وقال آخر في المرأة:
وفي رواية (جواد بزاد الركب) وفي رواية أَيضًا (والعرق زاجر) والإشفى للإسكاف وهو فعلى والجمع الأشافي والشكر بفتح الشين الفرج وبضمها الثناء بالمعروف (قال) أبو ذر (قلت: يَا رسول الله؛ أرأيت) أي أخبرني (إن ضعفت) وعجزت (عن بعض العمل) الذي يحتاج فيه الصانع إلى المساعدة له أو الأخرق إلى العمل له (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكف شرك) وضررك وإذايتك (عن) إيصاله إلى (النَّاس فإنَّها) أي