الكوسج التميمي النيسابوري (قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا عبد الرحمن وهو ابن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (عن مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) - رضي الله عنه -. وهذا السند من سداسياته (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تقوم الساعة حتى يبعث) أي حتى يخرج ويظهر (دجالون كذابون قريب) عددهم (من ثلاثين) رجلًا (كلهم يزعم) ويدّعي (أنَّه رسول الله) ونبيه، وقد وجد من هؤلاء خلق كثير في الأعصار الأول فأهلكهم الله تعالى وقلع آثارهم وكذلك يفعل بمن بقي منهم، قال القرطبي: وقد تقدم القول في كتاب الإيمان في اشتقاق اسم الدجال أنَّه من الدجل وهو الكذب البحت والتمويه وأن معناه هو المموه بالكذب، قال القاضي أبو الفضل: هذا الحديث قد ظهر فلو عد من تنبأ من زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن ممن اشتهر بذلك وعُرف واتبعه جماعة على ضلالة لوُجد هذا العدد فيهم ومن طالع في كتب الأخبار والتواريخ عرف صحة هذا ولولا التطويل لسردنا منهم هذا العدد اهـ مفهم.
وقوله (دجالون) أيضًا من الدجل وهو التغطية والتمويه لأنه غطى الحق بالباطل وموّه الباطل بزينة الحق، والدجال صيغة مبالغة منه وهو من يكثر الدجل ويطلق على الكذب أيضًا فالدجالون بهذا المعنى كثير غير أن الدجال الذي يقتله عيسى - عليه السلام - أكبرهم والمراد من الدجالين هنا الذين يدعون لأنفسهم النبوة كذبًا وزورًا وقد خرج منهم خلق كثير لا يحصون ولكن غالبهم ينشأ لهم ذلك عن جنون أو سوداء فلم يعتد بهم في حديث الباب، وإنما المراد من الحديث من قامت له شوكة وبدت له شبهة وكانوا قريبًا من هذا العدد المذكور في الحديث.
وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج مسيلمة باليمامة والأسود العنسي باليمن ثمَّ خرج في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة وسجاح التميمية، وقُتل الأسود قبل وفاة النبي - صلى الله