للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "اخْسَأْ. فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ذَرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ، أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ"

ــ

قد خبأت) وسترت في قلبي أو في يدي أو في كمي (لك) أي لأجل اختبارك هل تعرفه أم لا (خبيئًا) أي شيئًا مستورًا فأخبرني عنه إن كنت تعرف المغيبات (فقال ابن صياد هو) أي ذلك الخبيئ (الدخ) بضم الدال والخاء المشددة المضمومة، قال القسطلاني: فأدرك البعض على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان (فإن قلت) كيف اطلع ابن صياد أو شيطانه على ما في الضمير؟ أُجيب باحتمال أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - تحدّث مع نفسه أو أصحابه بذلك فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه (فإن قلت) ما وجه التخصيص بإخفاء هذه الآية أجاب أبو موسى المديني بأنه أشار بذلك إلى أن عيسى ابن مريم - عليه السلام - يقتل الدجال بجبل الدخان فأراد التعريض لابن صياد بذلك اهـ منه (فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اخسأ) أي اسكت ذليلًا حقيرًا (فلن تعدو) أي لن تجاوز (قدرك) ودرجتك التي هي درجة الكهانة إلى درجة النبوة التي تدعيها (فقال عمر بن الخطاب) - رضي الله عنه - (ذرني) أي دعني (يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضرب عنقه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي لعمر (إن يكنه) أي إن ابن صياد ذلك الدجال المنتظر (فلن تسلط) وتمكن وتقدر (عليه) أي على قتله لأن قاتله عيسى بن مريم (وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله) لأنه ربما يتوب ويؤمن بالله تعالى.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (إن يكنه فلن تسلط عليه) هذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتضح له شيء من أمر كونه هو الدجال أم لا وليس هذا نقصًا في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يكن يعلم إلا ما علمه الله وهذا مما لم يعلمه الله تعالى به ولا هو مما ترهق إلى علمه حاجة لا شرعية ولا عادية ولا مصلحية ولعل الله تعالى قد علم في إخفائه مصلحة فأخفاه والذي يجب الإيمان به أنه لا بد من خروج الدجال يدعي الإلهية وأنه كذاب أعور كما جاء في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي قد حصلت لمن عاناها العلم القطعي بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>