للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ. فَقَال لَهُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ. فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ. فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا. فَقَالتْ لَهُ: رَحِمكَ اللهُ، مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائِدٍ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَال: "إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا"؟

ــ

عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة فقال) ابن عمر (له) أي لابن صائد (قولًا) أي كلامًا (أغضبه) أي أغضب ابن صائد، وفي رواية حماد بن سلمة عن أيوب عند أحمد (فسبه ابن عمر ووقع فيه) أي وقع ابن عمر في عرضه، وسيأتي تفصيله في الرواية الآتية (فانتفخ) ابن صائد أي كبر حجمه من غضبه (حتى ملأ) ابن صائد بجسمه (السكة) أي الزقاق والسكة بكسر السين وفتح الكاف المشددة الطريق بين الدور يُجمع على سكك، قال أبو عبيد أصل السكة الطريق المصطفة بالنخل، قال: وسميت الأزقة سككًا لاصطفاف الدّور فيها اهـ نووي، وقال القرطبي: يعني أن ابن عمر قال لابن صياد قولًا غضب ابن صياد لأجله فانتفخ ابن صياد حتى ملأ السكة وهي الطريق وهذا الانتفاخ محمول على حقيقته وظاهره ويكون هذا أمرًا خارقًا للعادة في حق ابن صياد ويكون من علامات أنه الدجال لأن هذا موافق لما قالته حفصة رضي الله تعالى عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما يخرج من غضبة غضبها" ويحتمل أيضًا أن يكون ذلك من آثار سحره أو تخييله (فدخل ابن عمر على حفصة) أم المؤمنين - رضي الله عنهم - (وقد بلغها) أي والحال أنه قد بلغ ووصل إلى حفصة خبر ما جرى بين ابن عمر وابن صياد من المشاغبة والمغاضبة (فقالت) حفصة (له) أي لابن عمر (رحمك الله) تعالى يا شقيق نفسي (ما أردت) أي أي شيء قصدت وطلبت (من) المشاغبة مع (ابن صياد) وفي رواية حماد عند أحمد (ما يولعك به) والمعنى لماذا تتعرض له بدون حاجة فإنه كان دجالًا فربما يضرك كلامه وغضبه (أما علمت) يا أُخي (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إنما يخرج) من سجنه في البحر إلى الناس في آخر الزمان (من غضبة) أي لأجل غضبة (يغضبها) يتحلل بها عنه سلاسله. وقوله (يغضبها) ضميره مفعول به وفيه إشعار لشدة غضبه حيث أوقع غضبه على الغضبة وهي المرة من الغضب ويجوز أن يكون مفعولًا مطلقًا على قول من يجوز أن يكون ضميرًا اهـ ابن مالك. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن الأئمة الستة ولكنه أخرجه أحمد [٦/ ٢٨٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>