فقياس اليوم الأول أن يقدّر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه والله أعلم، وقال القاضي عياض في قوله (اقدروا له) الخ: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع ولو وكلنا فيه لاجتهادنا لكانت الصلاة فيه عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام اهـ (قلنا يا رسول الله وما إسراعه) أي وما قدر إسراعه (في الأرض؟ قال كالغيث) الذي (استدبرته الريح) العاصفة، قال الأبي: علموا أن له إسراعًا فسألوا عن كيفيته لقولهم ما لبثه والمراد بالغيث الغيم إطلاقًا للسبب على المسبب أي يسرع في الأرض إسراع الغيم إذا استدبرته الريح وهو كناية عن سرعة سيره في الأرض وقطع المسافات البعيدة في أسرع وقت (فيأتي) أي يمر (على القوم فيدعوهم) إلى الإيمان به وتصديق ألوهيته (فيؤمنون به) أي بإلهيته (ويستجيبون له) أي يمتثلونه في جميع ما أمرهم به (فيأمر السماء) بأن تمطر لهم (فتمطر) لهم مجازاة لهم على الإيمان به وإجابتهم إلى دعوته (و) يأمر (الأرض) بأن تنبت لهم (فتُنبت) لهم مجازاة على إيمانهم به (فتروح) أي ترجع (عليهم) فيما بعد الزوال (سارحتهم) أي ماشيتهم التي تسرح أي تذهب أول النهار إلى المرعى والسارحة المواشي التي تخرج للسرح وهو الرعي كالإبل والبقر والغنم أي ترجع إليهم سارحتهم آخر النهار إلى مراحها، حالة كونها (أطول ما كانت) عليه (ذُرًا) أي سنامًا والذرى بضم الذال المعجمة جمع ذُروة بضمها أيضًا وهي الأسنمة جمع سنام وهي لحمة تنبت في وسط ظهر الإبل (و) حالة كونها (أسبغه) أي أملا ما كانت (ضروعًا) لكثرة اللبن (و) حالة كونها (أمدّه) أي أزيد ما كانت عليه (خواصر) لكثرة أكلها وخصب مرعاها والخواصر جمع خاصرة وامتدادها كناية عن شدة امتلائها بسبب الشبع والمراد أن من آمن بالدجال يكون في خصب فترجع ماشيته في المساء سمينة طويلة الأسنام.
قال الخطابي رحمه الله تعالى في أعلام الحديث [٤/ ٢٣٣١] وقد يُسأل عن هذا فيقال كيف يجوز أن يُجري الله تعالى آياته على أيدي أعدائه وإحياء الموتى آية عظيمة من آيات أنبيائه فكيف مكن منه للدجال وهو كذاب مفتر على الله يدعي الربوبية لنفسه.