فالجواب أن هذا جائز لله على سبيل الامتحان لعباده إذا كان منه ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه وهو أن الدجال أعور عينه اليمنى مكتوب على جبهته كافر يقرؤه كل مسلم فدعواه داحضة مع رسم الكفر ونقص العور الشاهدين بأنه لو كان ربًا لقدر على رفع العور عن عينه ومحو السمة عن وجهه وآيات الله التي أعطاها لأنبيائه سليمة عما تعار به وعما يناقضها اهـ.
(ثم) بعدما مر على الذين آمنوا به وأمدهم بنعمه (يأتي القوم) الآخرين (فيدعوهم) إلى الإيمان به (فيردون عليه قوله) وينكرونه (فينصرف) أي يرجع (عنهم فيُصبحون) أي فيصيرون في صباح ذلك اليوم (ممحلين) أي مصابين بالمحل، وفي بعض الروايات (آزلين) والمحل والأزل والقحط والجدب كلها بمعنى واحد، وفي القاموس المحل على وزن فعل الجدب والقحط والإمحال كون الأرض ذات جدب وقحط يقال أمحل البلد إذا أجدب بسبب انقطاع المطر ويبس الأرض (ليس بأيديهم شيء من أموالهم) أي مواشيهم (ويمر) الدجال (بالخربة) بفتح الخاء وكسر الراء المكان الخرب الذي ليس فيه بناء ولا زرع أي على الأرض الخالية عن النبات والأبنية التي ليس بها أنيس (فيقول لها أخرجي كنوزك) أي معادنك التي خلقها الله فيك (فتتبعه) أي فتتبع الدجال (كنوزها) أي كنوز تلك الخربة ومعادنها، حالة كون الدجال (كيعاسيب النحل) وأمرائها التي تتبعها سائر النحول واليعاسيب جمع يعسوب واليعسوب أمير النحل وسلطانه الذي إذا طار تبعته جماعته والمعنى أن كنوز الأرض تتبع الدجال كما تتبع النحل أميرها فشبه الدجال باليعسوب والكنوز بالنحل (ثم يدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا) وقوة (فيضربه بالسيف فيقطعه) به حتى يصير (جزلتين) أي قطعتين وفرقتين منفصلتين مثل (رمية الغرض) أي مثل قطعة منفصلة من الغرض والهدف إذا رميت بالسهم والغرض الهدف الذي يُرمى إليه والرمية مرة من الرمي والمراد أنه يفرق جسمه حتى يصير قطعتين بينهما مسافة بقدر رمية الغرض وهذا المعنى هو الذي رجحه أكثر الشراح ولكنه فيه بعد كما قاله القرطبي، قال