القرطبي: والأولى فتح الجيم في جزلتين مع سكون الزاي لأن جزلتين هنا مصدر ملاق في المعنى ليقطعه فكأنه قال قطعه قطعتين أو جزله جزلتين وجزلة مصدر محدود بجزل جزلًا وجزلة ويجوز كسرها على أنه اسم يعني قسمه قطعتين وفرقتين، قوله (رمية الغرض) منصوب نصب المصدر أي كرمية الغرض في السرعة والإصابة وقيل جعل بين القطعتين مثل رمية الغرض وفيه بعد والأول أشبه اهـ من المفهم (ثم) بعد قتله بالسيف (يدعوه) الدجال ويناديه (فيُقبل) ذلك المقتول ويأتي إلى الدجال (ويتهلل) أي يضيء (وجهه) مثل ضوء الهلال والقمر أي يقبل إليه حالة كونه (يضحك) وهو حال من فاعل يقبل أي يقبل حالة كونه ضاحكًا بشاشًا اهـ من المرقاة، والمعنى يصير حيًّا بعدما كان ميتًا، وقد ذكرنا أن كل ما يظهر على يدي الدجال من الخوارق استدراج له (فبينما هو) أي الدجال كائن (كذلك) أي على ذلك من قتله وإحيائه أي فبينما أوقات كون الدجال على ذلك المذكور من قتله وإحيائه (إذ بعث الله) عزَّ وجلَّ وأرسل إليه (المسيح ابن مريم) أي عيسى بن مريم - عليه السلام - (فينزل) عيسى (عند المنارة) أي بفتح الميم أي عند المئذنة (البيضاء) الكائنة تلك المنارة في (شرقي) مدينة (دمشق) اسم مدينة مشهورة بالشام سُميت باسم أول من بناها وهو دمشق بن نمروذ عدو إبراهيم الخليل - عليه السلام - وولده دمشق آمن بإبراهيم وهاجر معه من العراق إلى دمشق وهو من صلحاء أتباعه كما بيناه في الحدائق وفي أوائل هذا الكتاب، وإذ فجائية رابطة لجواب بينما، وقوله (شرقي دمشق) بنصب شرقي على الظرفية وإضافته إلى دمشق أي فينزل عند المنارة البيضاء حالة كون عيسى (بين مهرودتين) أي لابسًا حلتين مصبوغتين بورس أو زعفران، والمهرودتين بالدال المهملة ويعجم أي حالة كون عيسى بينهما بمعنى لابسهما اهـ من المرقاة، والمهرود الثوب الذي يُصبغ بالورس ثم بالزعفران قاله في النهاية.
قوله (عند المنارة البيضاء) قال النووي: وهذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق وظاهر هذا أن عيسى - عليه السلام - ينزل بدمشق، وهذا ما جزم به البرزنجي في كتاب الإشاعة (ص ١٤٥) وقال السيوطي في مصباح الزجاجة (ص ٢٩٧) قال ابن كثير: هذا هو الأشهر في موضع نزول عيسى وقد جددت هذه المنارة في زماننا في سنة إحدى