لأنهما مظهر القوة، قال الأبي: وعبّر باليد لأن الدفاع لا يكون إلا بها وثنيت مبالغة كأن يديه معدومتان للعجز عن دفعهم، وإعرابه يدان مثنى اللفظ مفرد المعنى في محل النصب اسم لا مبني على فتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية. وقوله (أخرجت عبادًا لي) أي أظهرت جماعة منقادة لقضائي وقدري والمراد بهم يأجوج ومأجوج والمعهود في الكتاب والسنة عمومًا أنه إذا قصد بالعباد الكفار والطغاة أضيفوا إلى الله سبحانه بواسطة اللام كما في قوله تعالى: في سورة الإسراء {بَعَثْنَا عَلَيكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} وأما إذا أُريد بهم المسلمون والصلحاء أُضيفوا إلى الله تعالى بلا واسطة كقوله: {يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر: ١٦] وكقوله: هنا (فحرز عبادي) المؤمنين أي فاجمعهم (إلى الطور) أي إلى جبل الطور. وقوله (فحرز) بتشديد الراء مد التحريز مأخوذ من الحرز، والمراد بالعباد هنا المسلمون فأضيفوا إلى الله بدون واسطة اللام، والطور جبل معروف بالشام أي ضمهم إليه واجعله حرزًا لهم يقال أحرزت الشيء أحرزه إحرازًا إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ أي ارتحل بهم إلى جبل يحرزون فيه أنفسهم، والطور الجبل بالسريانية فيعم كل جبل ويحتمل أن يكون ذلك هو طور سيناء (ويبعث الله) سبحانه وتعالى أي يرسل الله سبحانه (يأجوج ومأجوج) من مقرهم وهو ما وراء سد ذي القرنين على الناس أي على أهل الأرض مشارقها ومغاربها جنوبها وشمالها (وهم) أي والحال أن يأجوج ومأجوج (من كل) أي إلى كل (حدب) ومكان مرتفع (ينسلون) أي يسرعون وقد تقدم القول على يأجوج ومأجوج في أول كتاب الفتن فراجعه، والحدب بفتحتين المكان المرتفع من الآكام والكداء، وينسلون من النسلان وهي مقاربة الخطو مع الإسراع كمشي الذئب إذا بادر قاله القتبي، وقال الزجاج: ينسلون يسرعون (فيمر أوائلهم) أي أوائل يأجوج ومأجوج جمع أول (على بحيرة طبرية) والبحيرة تصغير بحرة وبحيرة طبرية بفتح الطاء والباء بحيرة من أعمال الأردن في طرف الغور وفي طرف جبل وجبل الطور مطل عليها وتطل على هذه البحيرة مدينة طبرية وهي التي ينسب إليها الإمام الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة أما النسبة على طبرستان فطبري راجع معجم البلدان لياقوت الحموي [٥/ ١٧ و ١٨](فيشربون ما فيها) أي ما في البحيرة من الماء حتى