للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: قُلْتُ: ثُمّ أَيٌّ؟ قَال: ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ"

ــ

العيلة والمعرة وهي الموءودة التي ذكر الله تعالى بقوله: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: ٨ و ٩] والحاصل أن أهل الجاهلية كانوا يصنعون كل ذلك فنهى الله تعالى عن ذلك وعظم الإثم فيه والمعاقبة عليه وأخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أعظم الكبائر.

(قال) ابن مسعود (قلت) له صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد قتل الولد (أي) ذنب أعظم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم) أعظم الذنب بعد قتل الولد (أن تزاني حليلة جارك) أي أن تزني بمن يحل له وطؤها من حرة أو أمة فالمفاعلة ليست على بابها أو هي على بابها والمراد بزناها موافقتها له عليه ورضاها به، وذكر الحليلة خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له إذ لا فرق في قبح الزنا بالجارة بين كونها متزوجة أو عزبة وأما لفظ الجار فلم يخرج مخرج الغالب بل مخرج شدة قبح الزنا بها لأنه زنا وإبطال لحق الجار وفي حديث المقداد "لأن يزني أحد بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره" ولأن التمكن منه أقرب. اهـ سنوسي.

وقال القاضي: خمس حليلة الجار, لأن الغالب أن الرَّجل إنما يزاني من قرب مكانه، وأمكن لقاؤه، ونبه بالحليلة على عظم حق الجار، وأنه يجب أن يغار على حليلة جاره من الفاحشة، مثل ما يغار على حليلة نفسه، وخص الثلاثة بالذكر، لاعتياد العرب لها في الجاهلية.

وعبارة القرطبي بالحاء المهملة، هي التي يحل وطؤها بالنكاح أو بالتسري، سميت بذلك لكونها تحل له، وقيل لكونها تحل معه، والجار: المجاور في المسكن، والداخل في جوار العهد (وتزاني) تحاول الزنا يقال: المرأة تزاني مزاناة وزنى، والزنا وإن كان من أكبر الكبائر والفواحش، لكنه بحليلة الجار أفحش وأقبح، لما ينضم إليه من خيانة وهتك ما عظم الله ورسوله، من حرمته وشدة قبح ذلك شرعًا وعادةً، فلقد كانت الجاهلية يستمدحون بصون حرام الجار، ويغضون دونهم الأبصار، كما قال عنترة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ... حتَّى يواري جارتي مأواها

ومن معنى ما ذكر أن الزنا بالجارة أيسر، ما روي أن ابنة لبعض الكبراء زنت بعبدها أو عبد أبيها فقيل لها: أبالعبد وأنت في نسبك، وأنت كذا وكذا، فقالت: "قرب

<<  <  ج: ص:  >  >>