صدوق، من (٥) روى عنه في (٤) أبواب (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني ثقة، من (٣) روى عنه في (٥) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالأعمال ستًّا) أي سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة قبل وقوعها وحلولها فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يُقبل ولا يُعتبر، وعبارة القرطبي قوله (بادروا) أي سابقوا بالأعمال الصالحة واغتنموا التمكن منها قبل أن يحال بينكم وبينها بداهية من هذه الدواهي المذكورة فيفوت العمل للمانع أو تعدم منفعته لعدم القبول. وقوله (طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة) بالنصب في جميعها بدل من قوله ستًّا بدل تفصيل من مجمل. وقد تقدم الكلام على أكثر هذه الست. وقوله (أو خاصة أحدكم) يعني به الموانع التي تخصه مما يمنعه العمل كالمرض والكبر والفقر المنسي والغنى المطغي والعيال والأولاد والهموم والأنكاد والفتن والمحن إلى غير ذلك مما لا يتمكن الإنسان مع شيء منه من عمل صالح أو لا يسلم له، وهذا المعنى هو الذي فصله في حديث آخر حيث قال "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك" رواه الحاكم [٤/ ٣٠٦]. وقوله (أو أمر العامة) يعني الاشتغال بهم فيما لا يتوجه على الإنسان غرضه فإنهم يفسدون من يقصد إصلاحهم ويهلكون من يريد حياتهم لا سيما في مثل هذه الأزمان التي قد مرجت فيها عهودهم وخانت أماناتهم وغلبت عليهم الجهالات والأهواء وأعانتهم الظلمة والسفهاء وعلى هذا فعلى العامل أن يهتم بخصوصية نفسه والإعراض عن أبناء جنسه إلى حلول رمسه أعاننا الله تعالى على ذلك بفضله وكرمه وجوده. وقد جاءت هذه الستة في هذه الرواية معطوفة بـ (أو) فيجوز أن تكون للتنويع أي اتقوا أن يصيبكم أحد هذه الأنواع ويصح أن تكون بمعنى الواو كما جاءت في الرواية الأخرى اهـ من المفهم.
والمعنى بادروا بالأعمال الصالحة وسارعوا إلى الإتيان بها قبل أن تظهر هذه