الجيم ويقال فيه بالباء وبالميم وهو عظم لطيف في أسفل الصلب، وقيل هو رأس العصعص بضم العينين بينهما صاد ساكنة وهو مكان رأس الذنب بفتح النون من ذوات القوائم الأربع، وأخرج الحاكم وأبو يعلى عن أبي سعيد رضي الله عنه قيل: يا رسول الله ما عجب الذنب؟ قال: "مثل حبة خردل" قال ابن الجوزي: قال ابن عقيل: لله في هذا سر لا يعلمه إلا هو لأن من يظهر الوجود من العدم لا يحتاج إلى شيء يبني عليه، ويحتمل أن يكون ذلك جُعل علامة للملائكة على إحياء كل إنسان بجوهره ولا يحصل العلم بذلك للملائكة إلا بإبقاء عظم كل شخص ليعلم أنه إنما أراد بذلك إعادة الأرواح إلى تلك الأعيان التي هي جزء منها ولولا إبقاء شيء منها لجوزت الملائكة أن الإعادة إلى أمثال الأجساد لا إلى نفس الأجساد اهـ فتح الباري، وفي رواية "كل ابن آدم تأكله الأرض" أي تبليه وتصيره إلى أصله الذي هو التراب وهذا عام مخصص بقوله صلى الله عليه وسلم: "حرم الله تعالى على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" رواه ابن عساكر [٣/ ١٥٧] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه وإن مات لم يُدوّد في قبره" رواه الطبراني في الكبير [١٢/ ١٣٥٥٤] وانظره في الترغيب والترهيب [٣٧٧] وظاهر هذا أن الأرض لا تأكل أجساد الشهداء والمؤذنين المحتسبين وقد شوهد هذا فيمن اطلع عليه من الشهداء فوُجدوا كما دُفنوا بعد آماد طويلة كما ذكر في السير وغيرها اهـ من المفهم.
(ومنه) أي ومن عجب الذنب (يُركّب الخلق) الجديد (يوم القيامة) والمعنى أي أن أول ما خُلق من الإنسان هو ثم إن الله تعالى يبقيه إلى أن يركب الخلق منه تارة أخرى اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في تفسير سورة الزمر باب ونفخ في الصور [٤٨١٤]، وفي تفسير سورة عم يتساءلون باب يوم ينفخ في الصور [٤٩٣٥]، وأبو داود في السنة باب في ذكر البعث والصور [٤٧٤٣]، والنسائي في الجنائز باب أرواح المؤمنين [٢٠٧٧]، وابن ماجه في الزهد باب ذكر القبر والبلى [٤٣٢٠]، والبغوي في شرح السنة في الفتن [٤٣٠٠].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: