البعث والإحياء أي مدة ما بينهما (أربعون، قالوا) أي قال الحاضرون عند أبي هريرة (يا أبا هريرة) ما بينهما (أربعون يومًا؟ قال) أبو هريرة (أبيت) أي امتنعت عن تعيينه باليوم (قالوا أربعون شهرًا؟ قال أبيت، قال أربعون سنة؟ قال أبيت) عن ذلك، والمعنى أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يومًا أو شهرًا أو سنة بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة، وقد جاءت مفسرة من رواية غيره في غير مسلم أربعون سنة، ولابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش في هذا الحديث قال: أعييت من الإعياء وهو التعب، وكأنه أشار إلى كثرة من يسأله عن تبيين ذلك فلا يجيبه، وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن الصلت عن الأعمش في هذا الحديث أربعون سنة وهو شاذ، وأخرج من وجه ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ما بين النفخة والنفخة أربعون سنة ووقع في جامع ابن وهب أربعون جمعة وسنده منقطع اهـ فتح الباري [٨/ ٥٥٢]. وهذا الحديث يشير إلى قوله تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: ٦٨]، وقول أبي هريرة (أبيت أبيت لما سُئل عن الأربعين ما هي) يدل على أنه كان عنده من ذلك علم وامتنع من بثه لأنه لا ترهق إليه حاجة ولا يتعلق به عمل، ويحتمل أن لا يكون عنده علم من ذلك، وقوله (أبيت أبيت) يعني أبيت أن أسأل عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وفيه بُعد اهـ مفهم (ثم) بعد نفخة الصعق والإماتة (يُنزل الله) عزَّ وجلَّ (من السماء ماء) كمني الرجال فتتكون فيه الأجسام بقدرة الله تعالى وعن ذلك عبر بقوله (فينبتون كما ينبت البقل) أي ينبت الخلائق من ذلك الماء كما ينبت البقل والخضروات من المطر أي فإذا تهيأت الأجسام وكمُلت نُفخ في الصور نفخة البعث فخرجت الأرواح من المحال التي هي فيها، قال بعضهم: فتأتي كل روح إلى جسدها فيحييه الله بها، كل ذلك في لحظة بدليل قوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: ٦٨]، (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وليس من) أجزاء (الإنسان شيء إلا يبلى) ويفنى (إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب) بفتح العين وسكون