وَعُقُوقُ الْوَالِدَينِ. وَشَهَادَةُ الزُّورِ، (أَوْ قَوْلُ الزُّورِ) وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيهِ وسلَمَ مُتَكِئًا
ــ
تحميل الراوي ما لم يرو وتغليطه فيما روى بابٌ لو فُتح دخل على الشريعة منه خَطْبٌ.
(و) الثاني (عقوق الوالدين) وإن عليا، أي عصيانهما وقطع البر الواجب عنهما، وأصل العق الشق والقطع، ومنه قيل للذبيحة عن المولود عقيقة؛ لأنه يُشق حلقومها، قاله الهروي وغيره اهـ مفهم.
وقال عز الدين: لم أقف فيه على ضابط أعتمده، فإنَّه لا تجب طاعتهما في كل شيء، وقد حرم على الولد أن يغزو إلَّا بإذنهما, لأنهما يتأذيان بما يصيبه من جرح أو قتل، وقال ابن الصلاح: العقوق هو فعل ما يتأذيان به تأذيًا غير هين مع كونه ليس من الواجبات، وقيل هو مخالفتهما فيما ليس بمعصية، وطاعتهما عند هذا القائل واجبة، فيما ليس بمعصية، وقد أوجب كثير طاعتهما في الشبهات، وإجازة بعضهم سفره للتجارة بغير إذنهما ليس بخلاف لما ذكرناه, لأنه كلام مطلق، وما ذكرناه تفسير له اهـ أبي.
(و) الثالث (شهادة الزور) أي الشهادة بالكذب والباطل، وإنما كانت أكبر الكبائر لأنها يتوصل بها إلى إتلاف النفوس والأموال وتحليل ما حرم الله سبحانه، وتحريم ما حلل الله سبحانه، فلا شيء من الكبائر أعظم ضررًا، ولا أكثر فسادًا منها بعد الشِّرك، قال الأبي: ليست شهادة الزور كذلك وإنما هي أن يشهد بما لم يعلم عمدًا، وإن طابقت الواقع، كمن شهد أن زيدًا قتل عمرًا، وهو لا يعلم أنَّه قتله، وقد كان قتله، فإن كان لشبهة فليست زورًا لقوله في كتاب الاستحقاق: وإن شهدوا بموته ثم قَدِمَ حيًّا، فإن ذكروا عذرًا كرؤيتهم إياه صريعًا في القتلى، وقد طعن فظنوا أنَّه مات فليست بزور، وإلا فهي زور، وظاهر كلام الباجي أن غير العامد شاهد زور, لأنه قال: ومن ثبت أنَّه شهد بزور، فإن كان نسيانًا أو غفلة فلا شيء عليه، وإن كثر منه رُدت شهادته، ولم يُحكم بفسقه.
قال النووي: القتل أعظم منها، وظاهر الحديث حتَّى لو أتلف بها اليسير، وقال عز الدين إنما ذلك إذا أتلف بها خطيرًا، وقد يضبط بنصاب السرقة، فإن نقص عنه احتمل أن يكون كبيرة سدًا للباب، كما جُعل شرب نقطة من الخمر كبيرة اهـ.
(أو) قال أبو بكرة أو من دونه (قول الزور) بدل قوله (شهادة الزور) والشك من بعض الرواة (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) حين قال ألا أنبئكم وما بعده (متكئًا)