للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللهِ، لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَينِي وَبَينَهُ. مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ. وَلَا أَقُولُ لأَحَدٍ، يَكُونُ عَلَى أَمِيرًا: إِنَّهُ خَيرُ النَّاسِ بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَيُلْقَى فِي النَّارِ. فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ. فَيَدُورُ بِهَا كمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى. فَيَجْتَمِعُ إِلَيهِ أَهْلُ

ــ

أسمعكم تكليمي إياه من أسمع الرباعي أي هل تظنون أني أخبركم بكل ما أكلم به عثمان أو هل تظنون أني لا أكلمه إلا بمحضر ومسمع منكم، والاستفهام فيه للإنكار بمعنى النفي يعني ليس الأمر كما تظنون وإنما أكلمه في الخلوة، وقد حصل مني ذلك، قال القاضي عياض: أي أتظنون أني لا أكلمه إلا وأنتم تسمعون فقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أجهر لأن في الإنكار جهارًا فتح أمر لا أحب أن أكون أول من فتحه يعني الإنكار على الأمراء جهارًا لأن فيه ما يخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارًا إذ نشأ عنه قتله واضطراب الأمر بعده، ففيه التأدب مع الأمراء وتبليغهم ما ينكر عليهم اهـ من الأبي (والله لقد كلمته) وأنكرت عليه (فيما) أي في الحالة التي (بيني وبينه) وهي حالة الخلوة معه (ما دون أن أفتتح) ولفظة ما زائدة أي كلمته من غير أن أفتح وأثير (أمرًا لا أحب أن كون أول من فتحه) وأظهره، والمراد بالأمر ها هنا الفتنة وافتتاحه إثارته وتحريكه، والمعنى أني أعظ الخليفة من غير أن أثير فتنة لا أريد أن أكون أول من أثارها فلا أجاهر بالإنكار على الخليفة في محضر من الناس، وإنما أنكر عليه سرًّا وخلوة وقد فعلت ذلك فلم يقبله مني، قال النووي: وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرًّا وتبليغهم ما يقول الناس فيهم ليكفوا عنه، وهذا كله إذا أمكن ذلك فإن لم يكن الوعظ والإنكار عليه سرًّا فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق اهـ.

ثم قال أسامة أيضًا (ولا أقول) أنا (لأحد) من الناس (يكون علي أميرًا) أي كان علي أميرًا، وجملة الكون صفة لأحد (إنه خير الناس) وأفضلهم، قال القاضي عياض: فيه ذم المداهنة والمواجهة بما يبطن خلافه بخلاف أمره سرًّا لأنه من المداراة، والمداراة محمودة لأنه ليس فيها قدح في الدين وإنما هي ملاطقة في الكلام أي لا أقول ذلك (بعدما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق) أي فتخرج (أقتاب بطنه) أي أمعاء بطنه ومصارينه ويجرها (فيدور بها) أي يتجول ويطوف بها في النار (كما يدور الحمار بالرحى) أي بالطاحونة (فيجتمع إليه أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>