النار فيقولون) له (يا فلان ما لك) أي أي ذنب لك (ألم تكن) في الدنيا (تأمر) الناس (بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول) ذلك الرجل (بلى) أي ليس الشأن عدم أمري ونهيي بل (قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه) أي والحال أني لا أفعله (وأنهى عن المنكر و) الحال أني (آتيه) أي أفعل المنكر.
قوله (فتندلق أقتاب بطنه) والاندلاق الخروج بسرعة يقال اندلق السيف من غمده إذا خرج من غير أن يسله أحد (والأقتاب) جمع قتب بكسر القاف وسكون التاء قاله الكسائي، وقال الأصمعي: جمع قتبة بكسر القاف وسكون التاء وبه سمي الرجل قتيبة لأنه تصغيرها فالأقتاب على كلا القولين الأمعاء، وقيل هي ما استدار من البطن وهي الحوايا، وأما الأمعاء فهي الأقصاب واحدها قصب بضم القاف وسكون الصاد، ويقال اندلق الشيء من باب انفعل الخماسي ثلاثية دلق، والاندلاق خروج الشيء بسرعة من مكانه فكل شيء يبرز خارجًا فقد اندلق، ومنه اندلق السيف إذا شق جفنه فخرج بسرعة ودلقت الخيل إذا خرجت بسرعة.
(قوله كنت آمرًا بالمعروف ولا آتيه) إلخ إنما عذب على كونه لم يعمل بما علمه من الأمر والنهي، وإنما أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإن لم يمتثل هو فذلك واجب أداؤه وطاعة يستحق الثواب عليها إذ لا يشترط عند أهل السنة في الأمر بالمعروف أن يعمل الآمر بذلك المعروف ولا من شرط النهي عن المنكر عندهم أن ينكف الناهي عن ذلك المنكر بل يجب عليه أن يأمر وإن لم يمتثل وينهى وإن لم ينته اهـ سنوسي. قال الأبي (فإن قلت) أسامة إنما سألوه أن ينهى عثمان فأخبرهم أنه قد فعل لكن سرًّا ولم يداهنه فما وجه إتيانه بالحديث واستدلاله به. (قلت) الحديث كم دل بالنص على عقوبة من نهى عن المنكر وفعله فهو أيضًا يدل باللزوم على عقوبة من لم ينه فكأنه قال لم لا أنهى وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول الحديث، وقيل الأمر بالمعروف باليد على الأمراء، وباللسان على العلماء، وبالقلب على عوام الناس.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في بدء الخلق باب صفة النار وأنها مخلوقة [٣٢٦٧] وفي الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر [٧٠٩٨]، وأحمد