للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ التِي حَرَّمَ الله إلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا،

ــ

(قال) أحدها (الشِّرك) أي الإشراك (باللهِ) سبحانه وتعالى عنه علوًا كبيرًا (و) الثاني (السحر) أي عمله وسيأتي الكلام على حقيقته وعلمه إن شاء الله تعالى، قال النواوي: والجمهور على أن تعلمه وتعليمه كبيرة، وأجاز بعض أصحابنا تعلمه ليعرفه، ويرد على مدعيه، ويفرق بينه وبين الكرامة والمعجزة، وحمل الحديث على فعله (و) الثالث (قتل النفس التي حرم الله) سبحانه وتعالى قتلها بإيمان أو أمان (إلا بالحق) الذي وجب عليها كالحد والقصاص (و) الرابع (أكل مال اليتيم) أي الانتفاع به، وخص الأكل لأنه معظم أوجه الانتفاع بالمال، قال الأبي: كان الأكل منه كبيرة لعدم الناظر له، ولما يؤدي إليه من ضياعه، واليتيم في الأناسي: من فقد أباه وفي البهائم من فقد أمه، قال ابن عطية: بشرط الصغر فيهما، من اليتم وهو الانفراد لانفراده عن والده، والحديث نص في منع الأكل منه حتَّى الولي، وقال به قوم، وأجاز الأكثر للولي أن يأكل بالمعروف، لقوله تعالى {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وأجاب المانع بأنه أمر للولي أن يأكل من مال نفسه بالمعروف، ولا يُبذر خوف أن يحتاج فيمد يده إلى مال اليتيم، أو أنَّه أمر الولي أن يُقتر على اليتيم خوف أن يحتاج، أو أنَّه الأكل على طريق السلف، كما قال عمر رضي الله عنه "أنزلت نفسي في مال الله منزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت" والمذهب أنَّه إن خدم المال وقام به أكل بقدر الحاجة غنيًّا كان أو فقيرًا، وقال ابن رشد: وأجاز بعض العلماء للفقير خاصة أن يكتسي بقدر الحاجة، وإن لم يخدم المال، وإنما يتفقده ويتشرف عليه، فإن كان فقيرًا أكل ما لا ثمن له كاللبن والفاكهة، واختلف في الغني فقيل كالفقير، وقيل لا لقوله تعالى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} وأما خلط الولي طعام اليتيم بطعامه ليأكل معه، ففي العتبية: إن نال اليتيم من ذلك أكثر من حظه فلا بأس به وإلا لم يعجبني اهـ.

(و) الخامس (أكل الربا) يعني كسبه والعمل به اقتناه أو صرفه في أكل أو غيره، وإنما خص الأكل لأنه معظم ما يكسب له المال، والربا حقيقة وعادة إنما يستعمل في ربا الفضل والنساء وفيهما جاء التشديد في الآي، والأحاديث وهما المراد في الحديث، وإطلاقه على كل حرام مجاز، فلا يُحمل الحديث عليه، إذ لا يصدق على كل حرام أنَّه كبيرة، وأما ربا الفضل فكأن يقرضه عشرة بشرط أن يرد عشرين، وربا النساء فكأن يؤخر

<<  <  ج: ص:  >  >>